ليس هناك «استراتيجية إعلامية» ثابتة تعمل بشكل تلقائي «باي ديفولت» للترويج ولشرح السياسة الحكومية.
وزراؤنا يتحركون بقوة دفع من رئيس الوزراء بالتواصل مع الإعلام، قد تكون هناك محاولات من وزراء الإعلام المتتابعين لحث زملائهم الوزراء على التواصل مع الإعلام واستخدام المتاح من الأدوات الإعلامية في يد الوزارة «تلفزيون إذاعة وكالة أنباء»، قد يكون هناك مؤتمر صحافي أسبوعي مقتضب لرؤوس الأقلام في نهاية كل جلسة لمجلس الوزراء، إنما هذه الآلية لا تتفق ولا تتسق مع اتساع الحراك الحكومي وتنوعه والأهم أنها لا تتسق مع التحديات التي تواجه الحكومة خاصة وهناك شراكة مجتمعية الآن في صنع القرار تتمثل في المجلس النيابي وتتمثل في جماعات الضغط السياسي والاجتماعي.
الاستراتيجية الإعلامية لابد أن تكون ثابتة لا تتغير لتسرع بوتيرتها أو تقل وتيرتها انتظاراً لتوجيه من الرئيس وضغط منه في كل مرة، أو خضوعاً لمزاج هذا الوزير أو ذاك، الاستراتيجية الإعلامية «أمر» إلزامي وحتمي يخضع له كافة الوزراء، يعرف الوزير من خلالها أنه ملزم بوضع استراتيجية إعلامية خاصة بوزارته لا أن ينتظر من وزارة الإعلام أن تضعها له، وزارة الإعلام دورها يقتصر على توفير الأدوات وتهيئة الأرضية المناسبة لكل وزارة، إنما وزارة الإعلام لن تشرح نيابة عن وزير المالية سياسة الحكومة التي ستتعاطى بها مع الدين العام أو مع الاقتراض أو مع الدعم أو تشرح بها سياسة وزارة التربية تجاه تقارير ضمان هيئة التعليم أو سياسة وزارة الصحة تجاه التأمين على العمال أو أو.
عشرات الأخبار تتناولها الصحف يومياً منذ الصباح الباكر عن كل وزارة الواحد منها يتحول لكرة ثلج في نهاية اليوم لأن الخبر به ثغرات كثيرة ولأن كثيرين سمعوه شفهياً ولم يقرؤوه شخصياً، ثم تتدحرج هذه الكرة لمدة أيام فأسابيع في المجالس وتتناولها وسائل التواصل الاجتماعي فتزيد عليها وتضخمها، التدحرج السريع للخبر جار في واد ووزراء الحكومة مازالوا في طور تحديد من سيتحدث في هذا الموضوع أو ذاك؟ وفي طور متى سنتحدث؟ وفي أي برنامج؟ وفي طور «عطونا المحاور»!!
أطوار نمو الفراشة الحكومية البطيء داخل الشرنقة حتى تستعد لتظهر وتتحدث مع الناس لا تتسق مع سرعة الضوء لنمو التداول الشعبي الذي استلم الخبر واستلم المعلومة الناقصة صباحاً ووصل بها إلى نتائج واستنتاجات حكم فيها بالفشل في نهاية اليوم على الأداء الحكومي وأنبها ولامها و«تحلطم» عليها في الأيام اللاحقة.
الاستراتيجية الإعلامية تلزم الوزارات بالإعداد لسياسة إعلامية ترويجية مسبقة قبل طرح برنامج الوزارة على المجلس النيابي، استراتيجية كاملة مكملة تحدد فيها أدوار المسؤولين في الوزارة وتحدد أين ومتى وماذا يقول وكم مرة وعلى مدى كم يوم وما هي الأدوات الإعلامية المستخدمة وما هي لغة التخاطب التي سيتحدث بها وما هي الرسالة التي يريد إيصالها، ثم سياسة الإعداد لسياسة دفاعية في حال توجيه اتهامات متوقعة أو اعتراض أو رفض ثم سياسة هجوم جاهزة كلها لا تنتظر توقيع الوزير أو الوكيل أو عودة المسؤول من السفر أو من الإجازة، واستراتيجية إعلامية لكل وزارة على حدة تدافع بها عن برنامجها واستراتيجية إعلامية لمجلس الوزراء يدافع بها عن العمل الحكومي ككل يدافع بها عن التنسيق ووحدة الرسالة بين الوزارات.
الحكومة إلى اليوم في طور «الإنسان الأول» كنمو إعلامي، مقابل وصول وسائل التواصل الاجتماعي في يد كل طفل وكل امرأة في البيت وكل رواد المقاهي، وإلى اليوم مكتب وزير الإعلام هو الذي يتصل بمكاتب وزراء الحكومة الآخرين يحثهم للظهور ويستدعي الأمر الاتصال برئاسة مجلس الوزراء أو نائبه الأول لحثهم أو من ينوب عنهم.
كيف لهذا الحراك البطيء أن يوصل الحقيقة ويدافع عن سياسته ومشاريعه وبرامجه؟ لا تلوموا الناس على عدم فهمها لوموا أنفسكم على عدم فهمكم لأهمية الإعلام.