ما الذي يمكن أن يحدث لو لم تتمكن مختلف الأطراف من الاستفادة من فرصة تتاح فجأة؟ لماذا لا يتم خلق فرص أخرى طالما أن الجميع يريد إغلاق هذا الملف الذي كلفنا كثيراً؟ لماذا نتشبث بفرصة يتيمة قد لا يكون النجاح حليفها، خصوصاً أن البعض المستفيد من بقاء الحال على ما هو عليه لن يقبل بنجاحها، ومن الطبيعي أنه سيقف في طريقها وسيحاربها؟
هذه أسئلة مهمة تشغل بال كل الذين يعانون من هذا الذي يجري في الساحة المحلية، ويعتقد كل طرف من أطرافه أن النهاية ستكون لصالحه.
المنطق يقول إن على الحكومة أن تخلق بعض الفرص وأن تتحرك وألا تعتبر أن الأمر انتهى، وأنه صار على الجميع أن يكيف نفسه مع الوضع الذي صرنا فيه ،لأن هذا وضع غير طبيعي ولا يمكن أن نعيش فيه ونطمئن فيه على مستقبلنا ومستقبل أبنائنا، والمنطق يقول أيضا إن على «المعارضة» المتمثلة في الجمعيات السياسية التي تعمل تحت مظلة القانون أن تخلق بعض الفرص ليكون لها على الأقل دور في تخليص البلاد من هذه المشكلة، فهذا أفضل لها من التصريحات التي تنثرها في كل اتجاه في الداخل والخارج، والتي لا تستفيد منها ولا يستفيد منها أحد، والأمر نفسه مطلوب من بقية الأطراف التي عليها ألا تكتفي بالمشاهدة وأن تسعى إلى عمل إيجابي، فهي أيضا عليها التحرك وإيجاد الفرص التي يمكن أن تسجل في ميزان أفعالها، خصوصاً أنها تريد أن تحسب كطرف أساس في أي تسوية.
كل الأساليب التي تم تجربتها في السنوات الأربع الماضية من قبل كل الأطراف ذات العلاقة لم توصلنا إلى النهاية المرجوة، وبما أن مشكلتنا تزداد تعقيداً يوماً في إثر يوم؛ فهذا يعني أنه بات لزاماً علينا جميعاً أن نوجد الفرص لأنفسنا كي نخرج من هذا المأزق الذي أربك حياتنا كثيرا. عدا هذا سيستمر الحال على ما هو عليه وسيظل الوطن يعاني من عدم قدرتنا على توفير الفرص لحل المشكلة أو عدم قدرتنا على الاستفادة من الفرص المتاحة.
كل الذي يحدث الآن عبارة عن ردود فعل على أفعال هي نفسها ردات فعل على أفعال سابقة قام بها الطرف الآخر كرد فعل على أفعال قام بها الطرف الأول. الأفعال القائمة على ردود الفعل لا يمكن أن توصل إلى نتيجة أبداً، وهي في كل الأحوال ليست مقبولة من العاملين في السياسة التي وإن ظلت تعتمد في جانب منها على ردود الفعل إلا أن الجوانب الأخرى منها لا تعتمد على هذا الأمر ولا تعتبره أساساً وطريقاً للخروج من المشكلة.
لا بد من طرح أفكار جديدة، ولا بد من إيجاد فرص، ولا بد من إفساح المجال للعمل السياسي كي يتحرك لأن كل الأعمال الأخرى والتحركات لا يمكن أن توصل إلى نتيجة سوى ردود الفعل التي بدورها يكون لها ردود فعل لا يمكن تصنيفها إلا في باب الانتقام و«تبريد الحرة»، وهذا كله لا يوصل إلى مفيد.
لا بد من تحرك يشارك فيه الجميع، لأنه لا بد من التوصل إلى حل يرضي الجميع، وأول التحرك المفيد يكون بتأكيد أن الحل يأتي من الداخل وأن الخارج لا علاقة له بما يجري في الداخل، وأنه ينبغي منع كل الخارج من التدخل في مشكلتنا أيا كانت الأسباب، بعد ذلك تأتي خطوة تأكيد النوايا بتقديم كل الأطراف ما يجعل كل الأطراف تثق في بعضها البعض، ثم تأتي الخطوات الأخرى التي يفترض أن تكون بعيدة عن الأضواء والإعلام كي تعمل بهدوء وتخرج بما يتم به إخراجنا مما صرنا فيه.