مساعي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود واضحة في لم شمل دول الخليج العربي «الأسرة الواحدة»، ومساعيه للتصدي ضد الإرهاب والفتن الطائفية، ووقفته الجادة لوقف التدهور السياسي والأمني في اليمن، وحرصه للدفاع عن اليمن من محاولة إبادة السنة على يد الحوثيين، وهذا يدعونا مرة أخرى إلى التطرق إلى اتحاد خليجي، وقوة عسكرية ترهب من يحاول أن يعبث بأمن الخليج والدول الشقيقة والمجاورة.
مؤلمة هذه الفوضى التي تعم في بلاد العرب، مؤلمة أن تكون أدوات الفتنة والفوضى هم من يحسبون من العرب أو المسلمين، سلسلة من الصرعات لا تنتهي بل تزداد ليزداد يقيننا بأن التقسيم الجديد لشرق أوسط جديد لا محالة.
منذ أكثر من أربعين سنه، يحسب العرب والمسلمون بأن قضيتهم هي فلسطين المحتلة، وأن عدوهم هم الصهاينة، ولكن يشيب الرأس عندما نستذكر ضياع أفغانستان والعراق وسوريا واليمن بسهولة، ونحن لانزال جالسين مكتوفي الأيدي نشاهد ضياعهم، وكأن المشهد السياسي ألزمنا قسراً بأن نشاهد فقط ولا نتحرك لتغييره، نشاهد تغييراً جاداً في هويتنا وعروبتنا وغيرتنا على الدول العربية والدول المسلمة، مؤلم أن نشاهد الميليشيات تنتشر في دولنا، ومحاولات المد الصفوي العبث في أمن الخليج العربي، تارة على يد حزب الله اللبناني وحزب الله البحريني وتارة على يد الحوثيين في اليمن.
الأيادي الخفية استطاعت أن تعبث في أمن الدول العربية تحت مسمى الربيع العربي، وكان حصيلته ظهور داعش والحوثيين وميليشيات صفوية بحتة، الربيع العربي كاد أن يرمي بالمحروسة مصر الحبيبة للهاوية، ولولا حفظ الله لما استطاعت أن تستعيد أمنها وقبضتها السياسية، ونحمد الله أيضاً بأن المساعي الصفوية فشلت لاحتلال البحرين بعد المحاولات المتكررة بأن تجر البحرين إلى ثورات الربيع العربي بعدما تبين للجميع بأنها ثورة طائفية تهدف إلى إسقاط النظام الشرعي الملكي الدستوري لصالح إيران، وضم دول الخليج بعد ذلك إليها.
فوضى عارمة في الدول العربية تحت ظل الإرهاب تهدف بل تخدم الدول الكبرى، والدليل أن هذه الدول التي تنادي بالديمقراطية وحقوق الإنسان، سمحت لدولة مثل إيران بأن تحتل العراق وسوريا واليمن، فهذه الدول تسمح ولا تسمح على مزاجها مثلما سمحت للصهاينة بأن يسلبوا دولة فلسطين العربية ويغتصبوا هويتها وعروبتها، هذه الدول لاشك بأنها صديقة وعدوة في الوقت نفسه، تضع مصالحها فوق كل الاعتبارات حتى وإن مست بعض الحقوق، فمن يسمح لداعش والحوثيين والميليشيات الإرهابية بأن تضرب دول الخليج وتمزقه، يسمح بأن تتغير ملامح الشرق الأوسط، ما دامت سيادتهم على الوطن العربي هي الغاية، وتشوية صورة الإسلام بين المسلمين أنفسهم هو الهدف للمرحلة القادمة، والدليل ما تقوم به جماعات داعش وجماعات الحوثيين وحزب الله من التنكيل بالمسلمين وقتلهم في محاولة لإبادة الأعراق والطوائف.
المشهد السياسي القادم لابد أن يكون بوقف هذه الفوضى العربية في الوطن العربي، على دول الخليج أولاً بأن تتصالح بنية صادقة ولم شمل البيت الواحد، عليها أن تقف وقفة دولة واحدة لصد تمزيق الأمة الخليجية الواحدة، عليها أن تتحد فعلياً ليس بين دول الخليج فقط وإنما تتحد ماسكة بيد مصر والأردن والمغرب، حتى تستعيد أمنها وتستعيد العراق والأحواز وسوريا واليمن ولبنان من يد العدو الصفوي، وترجع لفلسطين كما كانت قبل الاحتلال الصهيوني، بلد السلام يقصدها المسلمون والمسيح واليهود. الاتحاد العربي ليس بأضغاث أحلام، بل أمنية يمكن تحقيقها متى ما استحضرت النوايا الصادقة والفعل الجاد في الاتحاد، وهذا عشمنا ببلادنا العربية بأن تستعيد أمجادها وعهدها السابق.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}