هل سمعت أو قرأت عزيزي القارئ الكريم من هم أخطر من «داعش»؟
إنها تلك الجماعات التي تلعب كل يوم لعبة القتل الطائفي الممنهج، ويشبعون شهوة الانتقام من أهل السنة في كل أرض يسيطرون عليها في العراق وسوريا واليمن، من دون دين أو أخلاق أو إنسانية أو ذرة من ضمير؟!
على فكرة لست من يقول ذلك، بل حلفاؤكم الجدد، والذي كنتم تطلقون عليهم حتى أمس القريب «الشيطان الأكبر» قبل أن ترتموا مؤخراً في أحضانه.
إذن هذا ليس بكلامي بل كلام الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي إيه» الجنرال ديفيد بترايوس، الذي قاد الجيش الأمريكي في العراق، يقول في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» وبالحرف: «إن الخطر الحقيقي على استقرار العراق على المدى الطويل يأتي من ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران وليس من تنظيم داعش، ورغم الدور المهم الذي تلعبه في دحر داعش خارج العراق، لكنها متهمة بارتكاب جرائم حرب وقتل المدنيين السنة وليس داعش فحسب».
لا تدع مشاعر الغضب تسيطر عليك عزيزي القارئ لمجرد أنك تجد نفسك ساقطاً في قاع سحيق من الاكتئاب، أرجوك أكمل معي وبهدوء ما قاله جنرال أمريكي يمتلك في الوقت ذاته وعياً سياسياً ومعرفة بالشرق الأوسط قل مثيلهما: «على المدى البعيد قد تبرز هذه المليشيات الشيعية المدعومة من إيران كقوة مؤثرة في البلاد، وتخرج عن سيطرة الحكومة وتدين بالولاء لطهران، وضرورة خلق قوات سنية مناوئة لداعش، ووقف تجاوزات الميليشيات الشيعية بحق السنة التي تزيد من حدة التوتر الطائفي في العراق».
إلى هنا وينتهي كلام الجنرال بترايوس، وأتصور أن الكلام واضح ولا يحتاج إلى شرح، فالرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية عمق المسألة، فأوضح أن «داعش» ظاهرة عابرة، عاجلاً أم آجلاً سيقضي عليه وتنتهي، أما الميليشيات المذهبية المحلية والتي تتغذى من أيادي عمائم إيران وتابعة لها مباشرة فهي أخطر لأنها تستهدف أهل السنة.
على فكرة من السهل طمس حقيقة ما نقوله ونكتبه من خلال المفبركين والأقلام الصفراء ذات الفكر العنصري والطائفي والمذهبي، والتي تسعى إلى تأجيج الصراع بين أبناء الوطن الواحد، كما من السهل ممارسة حيلة رمي التهم على الطرف الآخر عبر «مسرحية المظلومية»، ولو لم تفهم كلمة مما سبق عزيزي القارئ، فلا تهتم، عندي لك طريقة أخرى أكثر بساطة؛ عندما يتهمك أحدهم بـ «داعش» فقل له إنكم أخطر من «داعش»، وبالتالي ووفقاً لما قاله الجنرال بترايوس فإن ميثم الجمري أشد خطراً من تركي البنعلي!!
وهي نتيجة حتمية، فعندما يبتلينا الزمان برجال دين يستغلون المنابر ويستحلون الكذب ويحرضون على العنف والحرق والتخريب، فلا غرابة أن نصل إلى ما وصلنا إليه، وأعود للتذكير دون ملل ولا كلل، ما يجري الآن في العراق واليمن وسوريا قريب الشبه جداً بما حدث ومازال يحدث في البحرين، مع اختلافات طفيفة، لكن قد نصل إلى حد التطابق في القريب العاجل إذا ما تركنا جماعة ما يسمي بـ «14 فبراير» و«سرايا الأشتر» تتفاقم وتنمو وتتعاظم كما حدث في العراق مع «جيش المهدي» و«لواء أبو الفضل العباس» و«فيلق بدر» و«عصائب أهل الحق» و«جيش المختار»، وذلك متوقف على حجم التمويل والدعم الإيراني.
نعم، مازلنا حتى الساعة نتعثر في تنظيف الوطن من ركام 14 فبراير 2011..
قد يزعجك كلامي، وقد تستشعر من وطأته بأنك مختنق فتصرخ: وما الحل؟ وماذا سيحدث غداً؟، بالطبع، من حقك كيائس أن تسألني وتسأل نفسك، لكن لا تنتظر مني الجواب، فأنا وأنت وكل الخائفين من حولي وحولك لا نملك إلا أن نتفرج على ما يحدث في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وننتظر متى سيأتي الدور علينا!!