حين تدفق عشرات الآلاف من السياح الخليجيين قبل نحو أسبوع إلى مملكة البحرين، تفاجؤوا جميعهم بأن لا وجود لأي فعاليات ثقافية أو سياحية في المنامة، حتى عبر أحد الأخوة الخليجيين بأن الوضع عندكم «ملل».
آخر التغييرات التي طالت الوزارات والهيئات في مملكة البحرين هو إعلان الثقافة هيئة مستقلة أو «منفصلة» عن قطاع السياحة، والتي كانتا في الأساس قطاعاً واحداً وليس قطاعين. بعد مرور أشهر معدودات على هذا الفصل القيصري، لم تتضح الرؤية حتى هذه اللحظة حول طبيعة الأعمال والمهام المتداخلة لكل من القطاعين، كذلك لم تتضح الرؤية الصريحة حول طبيعة الميزانية المخصصة لقطاع الثقافة حتى هذه اللحظة، بل هنالك موازنات كبيرة ترحلت لقطاع السياحة، وكان من الأولى بها أن تذهب للثقافة.
مسرحنا الوطني شهد خلال الأعوام الماضية مجموعة كبيرة ومميزة من الأعمال الثقافية العالمية التي وضعت اسم البحرين على خارطة الدول السياحية والثقافية في العالم، وهذا الأمر تلمسته بصورة شخصية من خلال حضوري غالبية الفعاليات التي أقامتها الثقافة في تلكم الفترة، اليوم مرت نحو ثلاثة أشهر ولم نسمع عن أية فعالية ثقافية في مسرحنا الوطني!
ربما للحكومة رأي مغاير حين قامت بفصل الثقافة عن السياحة، وربما لها حججها المقنعة في ذلك، لكن لا يمكن أن يكون ذلك على حساب الثقافة والترويج للبحرين عبر أكثر العوامل نجاعة ونجاحاً في وضع وطننا على قائمة الدول المعنية والمهتمة بالشؤون الثقافية.
قد تؤكد الجهات المعنية على أهمية استقطاب أكبر عدد من السياح إلى مملكة البحرين في الفترات القادمة، وهذا لن يكون إلا من خلال الترويج للبحرين عبر قطاع السياحة، لكن في ذات الوقت لا يجب أن نتغافل عن شريحة مهمة جداً من وجهاء العالم ومسؤوليه ومثقفيه حين يقومون بزيارة المنامة من أجل المشاركة أو متابعة الفعاليات الثقافية المميزة، فهذا رصيد من أهم الأرصدة التي تحتاجها البحرين.
إن للشيخة مي بنت محمد آل خليفة بصماتها الواضحة جداً في مجال تسويق البحرين ثقافياً وتطوير قطاع الثقافة والسياحة معاً، ولهذا من الضروري جداً مواصلة دعمها بصورة مستمرة حتى لا يفسد جهدها الذي وضعت لبناته منذ سنوات طويلة، ليكون عدم إقرار ميزانية واضحة للثقافة حتى هذه اللحظة أمراً محبطاً للغاية.
من يخطئ هو الذي يعمل، فكان جزاء الشجرة المثمرة أن ترمى في كل حين ومع كل نجاح يزداد أعداء النجاح، وهذا الذي يحصل دائماً مع المرأة الحديدية الشيخة مي آل خليفة التي تصر كل الإصرار على أن تواصل مشوارها لشق الطريق لوضع اسم البحرين الثقافي نحو العالمية.
ما يؤسف له اليوم، وبدل أن يدعم النواب هذه المرأة الناجحة، هنالك بعض الأصوات التي تصدر من داخل المجلس تريد أن توقف كافة أشكال النشاطات الثقافية في البحرين، وذلك من خلال تنصيب أنفسهم حراساً على الثقافة من منطلق أيديولوجي محض، فكانت الأسئلة التي وجهها بعضهم للثقافة من تحت قبة البرلمان تبعث على الشفقة والسخرية معاً.
يجب على الحكومة أن تدعم جهود الثقافة وألا تستمع للأصوات التي ربما تشكل حجر عثرة لانطلاق البحرين نحو العالمية، أو للأصوات التي لا تريد أن تكون البحرين على خارطة الدول المهتمة بالشؤون الثقافية، فالفعاليات الثقافية اليوم تعتبر من أهم وأبرز المحطات التي ترفع اسم البحرين عالياً، فمن لا يسعده هذا الأمر؟