العزل التام للأمراض الخطيرة هو أهم عناصر الوقاية من الأمراض والحد من انتشارها
على من يقع اللوم بانتشار الأمراض المعدية في البلاد؟ هل نلوم وزارة الصحة أم هيئة سوق العمل أم وزارة العمل أم وزارة الداخلية؟ وذلك حين تكون أكبر أسباب انتشار هذه الأمراض هي العمالة الوافدة، وإن كانت تنتقل عبر وسائل متعددة للمواطنين، ولكن يكون هناك سبب رئيس لانتشار هذه الأمراض بين المواطنين وهو العمالة الوافدة، إذ إن هناك الكثير من العمال وخدم المنازل يصادف اكتشاف هذه الأمراض لديهم، وذلك بعد مكوثهم بين العائلات مدة تكفي لانتقال المرض، وكذلك بالنسبة لعمال المطاعم الذين يباشرون عملهم فور وصولهم، فالوقاية والحيطة يجب ألا تقف عند الفحص الطبي للوافد قبل مغادرته لبلاده، أو الفحص الطبي بعد وصوله، بل سفر هذا الوافد وعودته مرة أخرى في الإجازات التي قد يكون فيها معرضاً للإصابة بالمرض، حيث إن قوانين الجهات ذات العلاقة لا تتطلب إجراء فحص طبي للدم بعد عودة العامل من إجازته.
إن قوانين الجهات المسؤولة هي التي ستحد من انتشار هذا المرض الذي بدأت فيه الإصابات ترتفع للمئات، هذا ما تم اكتشافه، غير الحالات المرضية التي لم تصل للمرحلة التي يتم اكتشافها، أو حتى لم يشعر بأعراضها المريض نفسه، وكذلك عند اكتشاف المرض من قبل وزارة الصحة فإن الإجراءات هي الأخرى لا ترقى لمستوى الوقاية من انتشاره، وذلك حين يعود المريض إلى ممارسة حياته الطبيعية، بالنسبة للوافد وحتى المواطن، إذ قد يكتفي الدكتور بإعطاء المريض الأدوية دون اللجوء إلى عزله، حيث إن العزل التام للأمراض الخطيرة هو أهم عناصر الوقاية من الأمراض والحد من انتشارها.
لذلك فضعف القوانين للجهات ذات العلاقة وعدم أخذ انتشار الأمراض الخطيرة بجدية، ساهم في تفاقم انتشارها، حين لم تتحمل هذه الجهات المسؤولية، وذلك راجع لضعف الاتصالات والاجتماعات بين هذه الجهات، وانعدام التنسيق في الجوانب المشتركة بينها، خاصة في ما يتعلق بالعمالة الوافدة، وإن كان على وزارة الصحة تقع المسؤولية الأكبر، إذ كان عليها أن ترفع المشكلة إلى الدولة كي تشكل لجنة مشتركة بين هذه الجهات لمناقشة هذا الخطر المتفاقم الذي قد يتحول في السنوات القادمة إلى وباء إذا لم تتخذ الإجراءات للحد من انتشاره، وإن كانت متأخرة إلا أنها أحسن من أن يترك الموضوع كعنوان في الصحف يأتي على هيئة تصريح من أحد الأطباء، الذي هو بالأصل تقع عليه المسؤولية لرفع هذه القضية كقضية وطنية خطيرة، والتقدم بها إلى وزير الصحة، الذي كان أجدر به ألا ينتظر حتى يصله تقرير أو قد لا يصله، لأنه هو كوزير عليه أن يطلب تقارير يومية عن الأمراض وإحصائيات تبين نوعيتها وأعداد الإصابة حسب السنوات والمناطق التي تكثر فيها الإصابات والفئات العمرية والحالة الاجتماعية وأسباب الانتقال، جميعها معلومات مهمة تساعد على القضاء والحد من انتقال هذه الأمراض، ولكن مع الأسف الشديد لم نجد مثل هذا الاهتمام والمبادرة من أي مسؤول من هذه الجهات ولا وزير الصحة نفسه.
وها هو إسماعيل ولد شيخ أحمد الذي يرأس مهمة الأمم المتحدة لتنسيق جهود مكافحة وباء «الإيبولا» أعرب عن قناعته بأنه سيتم القضاء على هذا الوباء بحلول شهر أغسطس القادم، وهو مرض فتاك، فخطورة فيروس تليف الكبد والسل لا تقل خطورة عن مرض الإيبولا، وإن الدول التي انتشر فيها الفيروس استطاعت التصدي له، وها هو إعلان نهايته الذي يدل أن هناك جهوداً جبارة تبذل لمكافحته، بعكس ما نراه في البحرين حيث الاحترازات الوقائية لا توفر لأهل المريض ولا للمخالطين في مختلف التجمعات سواء في العمل أو في الأماكن العامة، خاصة إذا كانت عطسة واحدة من مريض السل يمكن أن تنقل العدوى إلى ما يقل عن عشرة أشخاص، وكذلك بالنسبة لمرض الكبد الوبائي الذي هو مرض ينتقل بالعدوى.
إنها قضية خطيرة جداً ويجب مساءلة وزير الصحة عن أسباب عدم اتخاذ الإجراءات وتزايد عدد الإصابات بهذه الأمراض المعدية في البحرين، وكذلك بالنسبة لهيئة سوق العمل التي يجب عليها اتخاذ الإجراءات للتأكد من خلو الوافدين من الأمراض المعدية، حيث لا يتم ذلك إلا عن طريق إجراءات فحص فورية، وذلك بأن ينشأ مركز صحي خاص يحجز فيه الوافدون إلى أن تظهر نتائج الدم وأشعة الصدر، وكذلك بعد عودتهم من الإجازات، كما على وزارة الداخلية فرض الغرامات في حالة تأخير الفحص الطبي للوافدين، حتى تدفع صاحب العمل إلى عدم التقاعس وتأخير الفحص الطبي عبر استغلال المدة المسموح بها لاعتماد الإقامة خلالها.
- رسالة إلى النواب..
أعتقد أن صحة المواطن تهمكم وهذه قضية حياة أو موت، نعتقد أنها أولى بالاهتمام والمناقشة والاقتراح بقوانين تساعد على القضاء على هذه الأوبئة الخطيرة، كي لا تعود البحرين إلى عصر ما قبل النفط، أم أنكم تنتظرون حتى انتشار وباء آخر مثل «الجدري»؟.