خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، الجمعة الفائتة، كان دفاعاً مبالغاً فيه عن إيران والترويج لها بطريقة لم تكن مستغربة وإن بدت سمجة، حيث اعتبرها النصير الوحيد للدول العربية، بل ولدول العالم كافة، وأنه لولاها لضاعت سوريا والعراق وفلسطين واليمن التي اعتبر أن المملكة العربية السعودية قد تخلت عنها، فاتحاً بذلك باباً لمهاجمة الشقيقة الكبرى لغرض ذي علاقة بالشأن المحلي اللبناني لا يخفى على أحد، خصوصاً أن الحريري عبر عن وقوفه إلى جانب السعودية التي تقود عملية عاصفة الحزم لتحرير الشعب اليمني من المنقلبين على الشرعية وإعادة الأمور إلى نصابها.
نصر الله الذي لم يكتف بهذا ووصف عاصفة الحزم بالعدوان طالب بالذهاب إلى الحل السياسي والحوار، متناسياً أن ما قامت به دول التعاون وحظي بدعم عربي ودولي واسع لم يكن إلا بمثابة الكي الذي هو آخر الدواء، ذلك أنه لو أفضى الحوار إلى مفيد لما تم اللجوء إلى هذه الخطوة التي تؤثر على المنطقة وقد تحرمها من الاستقرار فترة من الزمن، خصوصاً إن غامرت إيران وتدخلت، باعتبارها «نصير المظلومين».
يكفي أن من يقود الحملة هي المملكة العربية السعودية ليتفرغ نصر الله لمهاجمتها وانتقاد الخطوة بهذه الطريقة المفضوحة، فلو أن إيران هي التي قامت بهذا العمل لدافع عنها وعنه حتى وهو يعلم أن المبررات واهية، فإيران لا يمكن أن تخطئ، والعقل كله والإيمان عند إيران فقط. ولهذا لم يتردد نصر الله عن القول بأن النهاية هي هزيمة السعودية ومن معها وانتصار الشعب اليمني ومن معه (يقصد إيران طبعاً).
ولأن نصر الله اعتبر ما يجري عدواناً على اليمن وليس انتصاراً للشرعية ودفاعاً عن الشعب اليمني ضد مجموعة انقلبت على الحكم وسعت إلى فرض نفسها واستندت إلى قوى أجنبية لتحقيق ذلك، لذا اهتم بالقول إن من حق الشعب اليمني (المظلوم والمضطهد والعزيز والحكيم والشجاع وصاحب الإرادة) أن يقاوم ويدافع ويتصدى، وإنه سينتصر، وهو ما لا يختلف اثنان على أنه شحن واضح لليمنيين ودعوة لهم لقبول ما فعله ويفعله الحوثيون، وتأكيد على أن إيران لن تتخلى عنهم. وهذا كلام مهم في هذه الأيام، خصوصاً أن إيران بدت كالمتفرجة بعد أن تمكنت عاصفة الحزم من السيطرة على الأجواء والبحار فلم تعرف ماذا تفعل وماذا تقول ولم يعد أمامها سوى التهديد من خلال وسطاء مثل حسن نصر الله الذي اهتم كثيراً في خطابه بالتأكيد على أن «الهزيمة والعار مصير الغزاة» (نصر الله لا يعتبر ما قامت به إيران في اليمن غزوا ولكن دعماً ومناصرة).
نصر الله الذي لم يجد ما يقنع به العالم واليمنيين بوجه خاص بأن للسعودية ودول التعاون أهدافاً من وراء العملية غير الوقوف مع الشرعية طاوعه تفكيره لاتهام الشقيقة الكبرى بأنها تريد السيطرة على «شعب مظلوم»، ولجأ إلى الضغط النفسي عبر التشكيك في المواقف فقال ما معناه إن عدم الوقوف إلى جانب إيران مصيره الحرمان من الجنة في الآخرة (نفس المنطق الذي تروج له «المعارضة» هنا، فمن ليس مع إيران ليس منا، وليس له إلا النار في الآخرة).
حسن نصر الله كرر أيضاً دعوته إلى استعادة الحل السياسي، معتبراً كل تحرك الحوثيين وسعيهم إلى السيطرة على كل مناطق اليمن بقوة السلاح أمراً طبيعياً ولا يعيق الحوار والحل السياسي الذي رأى الآن فقط أنه المخرج المناسب لورطة الحوثيين وورطة إيران.
دفاع مستميت عن إيران وتبييض لساحتها ومحاولة لتبرئتها مما حدث ويحدث في اليمن، هذه البلاد العربية التي من الواضح أن إيران اعتبرتها لقمة سائغة