إن لم تتعلم «البحرين» من عاصفة الحزم درساً واحداً فإنها لن تتعلم أبداً، وهو أننا قادرون على أن نعيش بدون أمريكا.
دول مجلس التعاون وبقيادة المملكة العربية السعودية أخذت أخطر قرار في تاريخها المعاصر وأخطر قرار تتخذه أي دولة أصلاً والقيام بضربة جوية دون أي اعتبار لوجود الولايات المتحدة الأمريكية وأساطيلها في المنطقة ودون اعتبار لا لمصالحها ولا لتحالفها ولا قوتها وهيمنتها.
السعودية ضربت النظام العالمي الأحادي في مقتل ومن أجل هدف لا تهاون فيه وهو إعادة الشرعية لليمن ووقف وصول إيران لباب المندب، أي أنه هدف يقضي بحماية أمنها القومي وهذا هدف لا ينظر فيه إلى أي طرف آخر أياً كان فدونه الأرواح.
الأهم من اتخاذها القرار المنفرد والمستقل عن الوصاية الأمريكية أن الولايات المتحدة الأمريكية اضطرت وأرغمت ولأول مرة على اللحاق بالركب آخر لحظة حفظاً لماء الوجه فقالت نؤيد ونقدم الدعم اللوجستي، وأكاد أجزم وأبصم بالعشرة لو أن السعودية «شاورتها» فقط لكان رأيها مختلفاً تماماً ولماطلت وراوغت وأخرت حتى يصل الإيرانيون لباب المندب.
هذا هو الدرس الذي يجب أن تتعلمه البحرين والذي دفعنا ثمن عدم تعلمه أربع سنوات من عمرنا ومن اقتصادنا ومن أرواح شهدائنا انتظاراً لضوء أخضر منهم لنتحرك حماية لأمننا.
من يقرأ تاريخ أوروبا وأمريكا وجميع الدول الديمقراطية يعرف أن هذه المبادئ الديمقراطية ووثائق حقوق الإنسان فيه أرسيت بعد أن انتهت هذه الدول من حروبها واضطراباتها وليس قبل وليس أثناء، أثناء الحروب توضع هذه الوثائق والمبادئ في الأدراج والبحرين كانت تخوض حربها مع إيران عن طريق حوثييها في البحرين وعملائها الخونة، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية حينها تصر على وثيقة «حقوق الإنسان» والعملاء يصرون على «المعايير الدولية» لحمايتهم، ولو انتظرت السعودية تطبيق «المعايير الدولية» أو انتظرت قبولاً ورضا وضوءاً أخضر من أمريكا على عملاء إيران في اليمن لضاعت اليمن وضاعت بعدها السعودية.
علمنا الدرس أن أمريكا تضطر إن فرض عليها أمر واقع أن تساير هذا الواقع، تضطر أن تلعب بملعبك إن أنت حددته دون انتظار لرأيها، وتضطر أن تجاريك بعدها وتتغنى بمحاسنك، والدليل اقرأ تصريح السفير الأمريكي الأخير، فجأة أصبحت إصلاحات البحرين ممتازة وذات جدوى؟ رغم أن التغيرات السياسية محدودة جداً في السنوات الأربع الأخيرة.. إنها المصالح!!
تعلمنا من عاصفة الحزم أن عملاء إيران أجبن خلق الله فالعميل عبد لسيده يتبع مصالحه ولا رأي له وقد كنا نكبر من حجم هذا العميل ونحسب حساباً لردات فعله ونقلل من قوتنا ومن قدراتنا.
تعلمنا أن قاعدة الوحدة الوطنية تكبر حين يستتب الأمن لأن الناس تأمن على نفسها فتعبر عن نفسها بأريحية وبلا خوف.
إن دروس وعبر «عاصفة الحزم» تحتاج لكتب ودراسات وبحوث تفيها حقها.