ليس مفهوماً أبداً هذا التعاطف من قبل البعض هنا مع الحوثيين إلى حد أن قام بوضع صورلعبدالملك الحوثي إلى جانب صور تخصه في أحد الشوارع وتعمد نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. في كل الأحوال هذا التصرف يثير أسئلة عن علاقة هذا البعض بالحوثيين؛ أبرزها هل لأن إيران تقف معهم وتدعمهم صار لزاما الوقوف معهم وتأييدهم والقول إنهم على حق وإن الآخرين الذين يقفون ضدهم على باطل؟
العالم كله يقول إن الحوثيين صاروا يشكلون خطراً على اليمن، وإنهم ارتكبوا الكثير من الأخطاء والجرائم، والعالم كله اتخذ قراراً بتحجيم الحوثيين ومنع تقدمهم وإرغامهم على تسليم أسلحتهم والعودة إلى طاولة الحوار بغية إيجاد حل يرضي جميع اليمنيين، ومع هذا يأتي هذا البعض ليدافع عن الحوثيين وينتقد العالم الذي قرر وضع حد لمأساة هذا الشعب، لا لشيء إلا لأن إيران تقول إن الحق مع الحوثيين وتقف معهم وتدعمهم بالمال وبالسلاح.
المثير هو أن هذا البعض لا يتردد عن القول إن إيران لا تدعم الحوثيين ولا تمولهم ولا تسلحهم، لو كان هذا صحيحاً؛ فلماذا إذاً هذا كل التعاطف معهم؟ ولماذا هذا التأييد منقطع النظير لإيران في موضوع الحوثيين؟
تخبط يعيشه ذلك البعض أوصله إلى حد الخروج في مظاهرات ورفع شعارات تعبر عن تعاطفه مع اليمن وتحديداً مع الحوثيين المؤيدين من قبل إيران. تصرف لا تفسير له سوى أنه بات لعبة في يد إيران التي سرعان ما اعتبرت نفسها بريئة من كل ما يحدث في اليمن الذي سعت إلى تخريبه ولم تتأخر عن توقيع الاتفاقيات مع الحوثيين فور سيطرتهم على صنعاء ونقلت بطائراتها المدنية ما يحتاجه الحوثيون من أدوية وأسلحة تعينهم على السيطرة على المدن الأخرى وصولا إلى عدن، كما رتبت الظروف لتسيطر على ميناء الحديدة بغية تسهيل نقل السلاح إلى الحوثيين وكذلك توفير النفط لهم مجانا لمدة سنتين وبناء محطات الكهرباء.
وزير الخارجية اليمني قال قبل يومين إن «العملية العسكرية عاصفة الحزم أوقفت نقل عتاد عسكري للحوثيين بطائرات إيرانية»، وهذا كلام لا يمكن أن يصدر من دون دليل، فلولا أنه صحيح والوزير اليمني متأكد منه لما صرح به لأنه تصريح خطير، بل خطير جداً، ويعني أن إيران -وإن حاولت أن تنأى بنفسها عما يجري من خلال تصريحات هنا وهناك- إلا أنها تواصل في الخفاء دورها المشبوه في هذا البلد العربي الذي تريد أن تستغله لتتمكن من تحقيق أهدافها الأخرى التي لم تعد خافية على أحد.
ولأن إيران وصفت عاصفة الحزم بأنها «عدوان» لذا لم يتردد ذلك البعض في استخدام المفردة نفسها في وصف تلك العملية، وهو ما أخذت به أيضا الفضائيات «العربية» الممولة من قبل إيران، ولم يتردد لا هذا البعض ولا تلك الفضائيات وغيرها من وسائل الإعلام الإيرانية والمحسوبة على إيران عن التهجم على الشقيقة الكبرى باعتبارها قائدة للعملية وحاملة لراية إخراج العرب من سلبيتهم وتشكيل قوة عسكرية عربية بقرار من القمة العربية التي عقدت بشرم الشيخ.
فإذا أضيف إلى كل هذه «الخلطة» ما قاله أمين عام حزب الله في خطابه الأخير وانتقاده المباشر للسعودية، وما عبر عنه بعض الساسة العراقيين فإن الموقف يتضح تماماً ولا يتردد أحد عن القول بأن الفريق الرافض لتحرك العالم ضد الحوثيين هم أتباع إيران في العراق وسوريا ولبنان والبحرين، وفي كل مكان يعاني من أفعال إيران. من هنا فإن من الطبيعي أن يقول كل هؤلاء «الأبعاض»ما تقوله وتردده إيران.
ترى كيف هو موقف كل هؤلاء لو أن إيران كانت ضد الحوثيين؟