وصلني من أحد الأصدقاء فيديو «فظيع» وتقشعر منه الأبدان، من لهجة المتحدث فيه يتأكد بأنه حصل في البحرين، وبالنظر للمكافآت التي رصدها المهتمون بالموضوع وبالدينار البحريني «وصلت لسقف ألف دينار» لمن يدلي بمعلومات عن المتسبب فيه.
الفيديو يظهر شخصاً قام بحبس قط في قفص، وقد سكب على القفص بنزيناً، ويرى القط وهو يحاول الهروب من القفص متحركاً في كل اتجاه، بينما الشخص يقول بأن القط أكل عصافيره وأنه سيلقي بالجزاء عليه بالحرق.
وبالفعل يقوم وبكل فخر واضح بإشعال القفص بالقط الذي مات حرقاً، والشخص يواصل الكلام بكل تفاخر بأن هذا الحيوان لقي جزاءه.
أبسط ما يقال عن هذا المقطع بأنه «فعل إجرامي» وأنه فعل متجرد من أبسط مشاعر الإنسانية، وهو فعل يخالف حتى قول رسولنا الكريم وحديثه القائل في ما معناه بأنه لا يحرق بالنار إلا رب النار.
جمعية البحرين للرفق بالحيوان تحركت على الموضوع، وأبلغني بعض المهتمين بمثل هذه الحالات بأن هناك تعاوناً مع رجال الأمن في الوصول للجاني، وقد تم رصد مبالغ مالية من قبل داعمي الجمعية لكل من يعرف الفاعل أو يدلي بمعلومات عنه.
الفيديو شاهدته عدة مرات، ولا أنصح لأي من ضعاف القلوب بمشاهدته، ففيه من البشاعة الشيء الكبير، وفيه من تجرد الإنسانية الشيء الأكبر.
أيعقل أن يصل البعض إلى مثل هذا المستوى من الإجرام بحق مخلوقات خلقها الله وقدر لها رزقها؟! إن كان للقطة أن أكلت العصافير التي ذكرها حارقها، فإنها تحركت بدافع غريزة الحيوان التي يعرفها أياً كان، بالتالي أهذا جزاء تحصل عليه؟! أهذه عقوبة؟! أهذه نفس بشرية تقوم بهذا الفعل؟!
أين إذن التمثل بأخلاقيات ديننا الحنيف وما فيه من قصص وعبر؟! ألا يذكر حارق القطة تلك القصة المروية عن رسولنا الكريم بشأن من دخلت النار لأنها حبست قطة ومنعت عنها الطعام والشراب؟! فقط منعت عنها الطعام والشراب ولم تقتلها حرقاً؟!
والله لا يفعل ذلك شخص سوي لديه ذرة إحساس، والله إنك لتقود سيارتك في شارع وترى قطاً مدهوساً هنا أو هناك فينقبض قلبك ويتعكر مزاجك ولربما تدعو غضباً على من قام بالفعل قاصداً أو لم يقصد. بل إن بعض الحوادث تحصل للناس من جراء محاولة تجنب الاصطدام بهذه الكائنات.
من نحن كبشر حتى نمنح أنفسنا صلاحية قتل أرواح بهذه الصورة؟! هذه مخلوقات لا تضر الناس هكذا دونما أي سبب، وحتى إن ضرت هل جزاؤها هذا الجزاء البشع؟!
الدراسات الغربية كثيرة تلك المعنية بشأن إساءة معاملة الحيوانات وتشفي البعض بتعذيبهم بسادية ووحشية، وكلها تخلص إلى نتيجة مفادها بأن من يقومون بهذا الفعل ينتهون إلى طريق الإجرام والتحول لمجرمين في المجتمع.
نأمل أن تتكلل الجهود بالنجاح في الوصول لمن قام بهذا الفعل الوحشي الذي لا يمت للإنسانية بصلة، فمن يقتل قطة لا حول ولا قوة لها حرقاً بهذه الصورة البشعة، لا نعلم ماذا يمكن أن يفعل مستقبلاً.