أخبار «عاصفة الحزم» لا يمكن أن توصف بالكلام ولا أن يغطيها إعلام، هي عاصفة؛ بل هي تسونامي لم تتوقعه أرصاد جوية ولم تلتقطه أقمار صناعية، ولم تتمكن وكالة أبناء ولا أجهزة استخبارات كشف ساعته أو الاطلاع على خارطته، جاءت «العاصفة» معلنة ميلاداً جديداً لأمة طال انتظارها لموقف حازم يعيد لها تاريخها ويجدد مجدها، أمة انتظرت ردود فعل لوقف الاستكبار العالمي الذي تقوده أمريكا وإيران، الذين ظنوا أنهم أسياد وما دونهم عبيد لا يقدرون على شيء دون أذنهم أو بموافقة مجلس أمنهم، فإذا بهم يتفاجؤون بانطلاق أسراب الصقور التي أصابت أهدافها بكل دقة، هذه الصقور التي لن تتردد أبداً في تلبية أوامر خادم الحرمين الشريفين بقصف أي دولة تحاول أن تحرك أسطولاً أو توجه طائرة للمساس بحدود المملكة أو أي دولة خليجية أو عربية، حتى تجعل منها أرضاً حصيداً لا يطير فيها طائر ولا يتحرك في شجر، إنها ساعة الحزم التي بدأت ولن تتراجع.
وها هي أمريكا وبعد إفاقتها من الصدمة تقول على لسان مدير العلاقات الإعلامية لخارجيتها جيف رانكي «نحن لا نريد هذه «الحرب» أن تكون حملة عسكرية مفتوحة»، ونرد على هذا ونقول؛ زمن العنترة الأمريكية قد ولى دون رجعة وقرار إنهاء عاصفة الحزم بيد من بدأها، وليس لأي سلطة خارجية الحق في التدخل في قرارات الأمة العربية.
أمريكا أعلنت الحرب على العراق منذ 2003 ولم تتوقف حتى الساعة، فمازالت طائراتها وصواريخها تدك المدن والقرى العراقية، وكذلك حربها على أفغانستان مازالت مستمرة، كذلك هي إيران التي بدأت الحرب مع أمريكا على العراق لم تتوقف هي الأخرى، فها هي قنابلها تحصد أرواح العراقيين والسوريين، فلماذا لم يتحدث المدعو جيف رانكي عن هذه الحرب ولم يحدد لها تاريخ نهاية، إذاً فليصمت لأنه لم ولن يعرف حدود هذه الصحوة التي أصبحت في صدر كل مسلم ناراً لن تنطفئ ما لم تطهر أرض العرب من أرجاس إيران.
إن عاصفة الحزم لم تعلن الحرب على أفراد، بل أعلنتها على ميليشيات اختطفت اليمن وجعلته سجناً لـ30 مليون شخص ينتظر كل فرد منهم ساعة ذبحه، وبنفس الطريقة التي ذبح فيها الشعب العراقي والسوري، حيث لم تتجرأ أمريكا الطلب من إيران إنهاء حربها في العراق وسوريا، لأنها الشريك في هذه الحروب معها.
أظن أن أمريكا مازالت تعيش عصر الهيمنة والاستكبار الذي سقط ميتاً أمام أول طائرة حربية أقلعت من قاعدة الملك خالد الجوية، ونظن أنها لم تتابع الأخبار وتستمع عن تدافع الدول العربية للذود عن حياض المملكة العربية السعودية، بعد أن سولت لإيران نفسها أن بإمكانها تدنيس أرض الحرمين بأقدام ميليشياتها المجرمة من حرسها الثوري أو حوثيها الذي ربطته من رقبته وصارت تجره كالثور، أو من ميليشياتها المتناثرة بين العوامية والقطيف أو من أذنابها في البحرين.
ولتشابه الحالة بين ما حدث في اليمن والبحرين ينبغي على الدول الخليجية أخذ الحيطة والحذر، ولا يأتي ذلك إلا من خلال تأمين المؤسسات الحيوية والرقابة على الرحلات الجوية والبرية والبحرية، إذ إن هذا مفتاح الخطر، حيث يتم تدريب أفراد خارجين عن القانون للقيام بأعمال فوضى لفتح الأبواب أمام التدخلات الخارجية، وهذه التدخلات لن ننتظر إشارة من مجلس أمن ولا أمم متحدة بل ستكسب الوقت وتستغل أول فرصة لتعيد هيمنتها، خاصة بعد الصدمة التي أصابتها من تحرك الدول العربية دون سابق إنذار، مما جعل أمريكا تعيد حساباتها وتجد لها مدخلاً آخر، كما أعلن مدير إعلامها بأن واشنطن لن تسمح بحرب مفتوحة على اليمن، لذلك فعلى أمريكا أن توقف طائراتها التي قتلت أطفال اليمن في مدارسهم وهدمت البيوت على رؤوسهم، بدعوى محاربة أشباح لا نرى لهم صورة ولا أثراً.
العاصفة بدأت ولن تتوقف بإذن الله، لأن الشعوب العربية ملت التوقف، وهي اليوم تطالب ألا يتوقف أزيز الطائرات حتى تحرير اليمن وسوريا والعراق والأحواز.