قبل عامين كشف المفكر الكويتي الدكتور عبدالله النفيسي عن قيام إيران بتدريب شباب خليجيين من مختلف دول مجلس التعاون في إحدى جزر دهلك الإريترية التي تستأجر ثلاثاً منها «أرخبيل دهلك الأريتيري في البحر الأحمر يتكون من 126 جزيرة قريبة من اليمن وإحداها مؤجرة على إسرائيل». النفيسي الذي كان يتحدث لإحدى الفضائيات الخليجية الخاصة قال حينها إن الحرس الثوري الإيراني يرتب للشباب الخليجي الذي يتطوع الانتقال بسياراتهم بحيث يتجمعون في جازان بالمملكة العربية السعودية والقريبة من الحدود اليمنية وينقلهم في باصات بما يوحي أنهم ذاهبون في رحلة، وعندما يدخلون الحدود اليمنية يتم نقلهم إلى ميناء يسمى ميدي ومن هناك يتم نقلهم إلى جزر دهلك حيث يتم تدريبهم لمدة تتراوح بين شهرين وستة أشهر.
النفيسي قال أيضاً إن الحوثيين ظلوا يتلقون أسلحة من إيران بدليل أنهم يقصفون تجمعات المناوئين لهم بالدبابات وليس بالأسلحة الخفيفة، أي أنهم ليسوا مجرد متمردين، وإن الخليجيين الذين يتم تدريبهم يستفيد الحوثيون منهم. ونبه حينها إلى أن هؤلاء الشباب الخليجي وإيران والحوثيين يشكلون خطراً على السعودية ودول التعاون كافة والمنطقة برمتها.
وحسب المختصين فإن التدريب يكون على مهام استخباراتية بغية جمع المعلومات أو على مهام ميدانية بغية تنفيذ العمليات، وهؤلاء أكدوا مراراً على أن إيران تقوم بتدريب الحوثيين في جزر دهلك وأنها ظلت تسعى إلى تكوين جماعة في اليمن مثل جماعة حزب الله في لبنان على اعتبار أن أسلوب إيران هو الحرب بالوكالة.
المعلومات المتوفرة تشير أيضاً إلى أن المعسكرات التي يتم فيها تدريب الحوثيين والشباب الخليجي المتعاطف معهم تطل على اليمن ويسهل الوصول إليها بالقوارب، خصوصاً في ظل فقر اليمن وضعف قدراته الرقابية على الشواطئ «الأكيد أنه مع سيطرة الحوثيين على صنعاء في الفترة الأخيرة استغلت إيران الوضع ونفذت الكثير مما ظلت تخطط له، وهذا يعني أن إيران الآن متوفرة بكثرة في اليمن لمساعدة الحوثيين على تحمل الضربات الموجعة لعاصفة الحزم».
طبعاً العلاقة بين إيران والحوثيين ليست جديدة ولكنها تعود إلى أكثر من ثلاثين سنة، وتحديداً عندما كان حسين الحوثي يدرس في حوزاتها العلمية، ولهذا فإن الكثيرين يؤكدون وجود معسكرات تدريب للحوثيين في قم وطهران وغيرها من المناطق الإيرانية بالإضافة إلى دهلك.
هذه معلومات خطيرة ينبغي أن تعطى الكثير من الاهتمام من قبل دول التعاون خصوصاً في هذه الفترة، فلو كانت دقيقة، وهي للأسف تبدو كذلك، فلابد من الاستفادة منها وأخذ الحيطة والحذر، خصوصاً وأن إيران لن تسكت عما أصاب من عملت على تهيئته وتدريبه طوال ثلاثة عقود، فكل عنصر تخسره لن تتمكن من تعويضه سريعاً وهذا يكلفها كثيراً عدا أنه يضعف كل المحسوبين عليها والذين يحاربون بالنيابة عنها مثل حزب الله في لبنان والأحزاب الأخرى في دول أخرى.
لست مع الذين يقولون إن إيران لم تكن تتوقع قيام السعودية ودول التعاون بمثل هذا العمل الذي قامت به لإعادة الشرعية إلى من تم انتخابه بطريقة شرعية ووضع حد للفوضى هناك وحماية المنطقة، ولست مع الذين يقولون إنها فوجئت بعاصفة الحزم، فالمنطق يقول إنها على دراية بكل ما يدور في المنطقة وتتوقع كل ردود الفعل خصوصاً وأنها بالغت في دفع الحوثيين ليتمكنوا من اليمن ويسيطروا على كل المناطق فيها بحجة ملء الفراغ الدستوري، عدا أنه يفترض أن لإيران أجهزة مخابرات قوية ومن غير المعقول أنها أخفقت فلم تعرف شيئاً عن عزم دول التعاون والدول العربية والعالم على إعادة الأمور إلى نصابها.
من هنا صار لزاماً الاستفادة من كل معلومة تتوفر بعد التأكد من دقتها.