ليس اليوم ولا أمس؛ بل منذ سنوات عديدة وحتى قبل فبراير 2011، عكفت صحيفة محلية على نشر الروايات و«الحزاوي» والشائعات في قضايا أمنية متعلقة بالأمن القومي، وكذلك عن أي إجراءات أمنية روتينية تقوم بها وزارة الداخلية في مختلف مناطق البحرين، ولم تكتف هذه الصحيفة بنشر التقارير بل توثقها بصور ومعلومات دون الإشارة إلى مصدر رسمي، كل هذا ينشر في هذه الصحيفة وسط صمت الأجهزة الأمنية في الدولة، حيث تمر هذه التقارير والنشرات كل يوم أمام عيون المسؤولين ذات العلاقة دون أن تثير اهتمام ولا علامات استفهام، وكأن التقرير يخص العراق أو زنجبار.
نذكر على سبيل المثال ما نشر بتاريخ 30 مارس 2015 بنفس هذه الصحيفة وهو خبر تحت عنوان «الأمن يوقف 12 مواطناً من أهالي سترة فجر أمس»، ولم يقتصر الخبر على العنوان؛ بل جاءت الديباجة المعتادة بما فيها من كلمات استفزازية عدائية تصور الدولة كأنها دولة ظالمة تتصدى لمناطق معينة، ومنها قولها «حملة دهم لعدد من المنازل، وفرق أمنية كبيرة بمعية عشرات المركبات شاركت في عملية دهم المنازل وتفتيشها»، كما قامت في نفس التقرير بنشر أسماء الأشخاص الذين تم توقيفهم مع نشر صورة لرجال الأمن ومركباتهم، كتبت تحتها بأن هذه الصورة عممتها جمعية الوفاق، فبالله عليكم؛ هل هذا التصرف قانوني ومقبول، حيث وصل التحدي لهذه الصحيفة بأن تجعل من جمعية الوفاق مصدر أخبارها وتقاريرها عن الدولة؟
وها هي الصحف المحلية الأخرى والخليجية والعالمية لا تنشر أي معلومات أمنية إلا من مصادرها الرسمية بعد الموافقة، فأمريكا منعت وحذرت صحفها المحلية من نشر تفاصيل تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي عن ممارسة المخابرات الأمريكية «سي آي إيه» عن أنواع التعذيب في حق المعتقلين في غوانتنامو، بحجة الحفاظ على الأمن القومي وأسراره، وعدم تقديم ذرائع تستخدم لتنفيذ عمليات إرهابية ضد المصالح الأمريكية في العالم الإسلامي.
فكيف بالله عليكم عن صحيفة محلية تنشر كل يوم على طول وعرض صفحاتها كل ما يتسبب بالضرر البليغ على الأمن القومي والسلم الاجتماعي، حيث لا يكاد يخلو تقرير لها ولا خبر منشور إلا وأشارت به إلى البحرين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، دون أن تتوخى مصادره، وهو ما يعد تجاوزاً خطيراً لقانون الصحافة والقواعد الأساسية المهنية، إذ يجب على الصحيفة والصحافي التأكد من صحة الخبر بواسطة مصدر موثوق والحذر قبل نشر أي خبر وحسب الظروف المحلية، وحتى لو اقتضت الظروف نشر خبر بصورة عاجلة لا يعفي الصحيفة من التأكد من صحة الخبر، وعلى من يريد الاستناد إلى خبر معين نشر في السابق التأكد من صحة الخبر ومصداقيته، ويجب أن تكون الأخبار نزيهة وغير منحازة، كما يجب ألا يكون عنوان الخبر مضللاً.
إن ترك المجال للصحافة بنشر مواضيع تتعلق بقضايا أمنية لم يتم البت فيها أو نشر أخبار عن تحركات أجهزتها الأمنية سيشكل بالتأكيد خطورة بالغة على أمن الدولة وعلى أرواح رجال الأمن، كما سيؤثر على سمعة المؤسسة الأمنية في الداخل والخارج، وهو أحد الأهداف التي تسعى هذه الصحيفة إلى تحقيقها، وذلك تعزيزاً لادعاءاتها ضد الدولة في كافة القضايا الأمنية، وذلك حين يوصمها كتابها ومحرروها ورئيس تحريرها بالظلم والتمييز والاعتداء على المواطنين لأسباب طائفية، والتي توغر صدور المواطنين على دولتهم، وتحرض المجتمع الدولي حيث تسعى هذه الصحيفة ومنذ تأسيسها إلى الإساءة إلى سمعة البحرين وتصورها بأنها دولة تعادي فئة من الشعب.
ودرءاً لأخطار هذا الإعلام المسموم، والصحيفة الموالية لإيران والتي باتت مصدراً رسمياً تتبعه الدول الغربية، وتستقي منه القنوات الفضائية أخبارها مثل قناة العالم والمنار، نتمنى من الأجهزة الأمنية أن توضح لنا مدى صحة الأخبار والتقارير التي اعتادت على نشرها هذه الصحيفة، كي يكون الناس على بينة، كما يجب أن تتخذ الدولة إجراءات قانونية في حال تتسبب هذه الصحيفة بالضرر بالأمن القومي، وتعيد النظر في ترخيصها كمؤسسة صحافية إعلامية، إذ لا يمكن أن يتم السكوت عن جهة صحافية إعلامية محلية أن تنشر ما يروق لها وما يحلو لإيران.