هذا ما قاله عضو بمجلس الشورى الإيراني خلال استضافة إحدى الفضائيات له قبل أيام رداً على سؤال لمقدم البرنامج ملخصه؛ أنكم أيها الإيرانيون شحنتم الحوثيين وقدمتم لهم كل الدعم وأعنتموهم على السيطرة على صنعاء ومجموعة من المدن اليمنية حتى وصلوا إلى عدن وأجبروا رئيسه الشرعي على الفرار بعد أن أفلت من الإقامة الجبرية التي وضع فيها في صنعاء، وبعد أن أربكتم اليمن بأكمله والمنطقة، ولكنكم الآن وبعد أسبوع من تلقي الحوثيين الصواريخ وتعرضهم للموت لم تفعلوا لهم شيئاً، فهل ستظلون صامتين وتتركون الحوثيين وحدهم في الميدان أم ستقومون بعمل ما يعينهم على الخروج من هذا المأزق؟
الدعم المعنوي؛ هذا ما صارت تردده إيران الآن بعد أن ورطت اليمنيين جميعاً وأدخلت الحوثيين في حرب نتيجتها محسومة مسبقاً، فالحوثيون لا قدرة لهم -حتى مع ما حصلوا عليه من أسلحة وعتاد من إيران في وقت سابق- على تحمل كل هذه الضربات الموجعة من تحالف يجمع أكثر من عشر دول ومؤيد من عدد مماثل لهم، وحصل على قبول من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول الغرب والشرق.
الآن وبعد أن ورطتهم قالت لهم ببساطة إننا إنما ندعم من نحب «معنوياً» فقط. بالتأكيد هذا الكلام غير صحيح؛ لأن إيران تدعم «من تحت لتحت» ولكن لا بأس لو افترضنا أنه صحيح لنرد عليه. هل ما تقدمه الفضائيات الإيرانية منذ سنين من دعم إعلامي كبير يدخل في باب الدعم المعنوي؟ هل تخصيصها لكل الوقت الذي يحتاجه عبدالملك الحوثي لإلقاء كلماته وتوجيهاته على الهواء مباشرة يدخل في باب الدعم المعنوي؟ وهل عمليات توصيل السلاح في الفترة الماضية -وربما حتى الآن- يدخل في باب المعنوي؟ هل تدريبها لليمنيين في إيران وخارجها يدخل في باب المعنوي؟ ألم تضع إيران اتفاقية الطيران المدني قيد التنفيذ حتى قبل أن يجف الحبر الذي كتبت به فسيرت طائرة مليئة بالأدوية والمعدات الطبية وربما الأسلحة إلى صنعاء؟ ألم تدع المسؤولين الحوثيين إلى زيارة طهران فور سيطرتهم على صنعاء وعقدت مجموعة من الاتفاقات معهم من بينها تطوير ميناء الحديدة وبناء محطات الكهرباء؟ ألم تعلن عن موافقتها على منح الحوثيين نفطاً مجانياً لمدة سنتين؟ ألم تدفع على الفور بعشرات وربما مئات الخبراء الإيرانيين إلى اليمن ليشدوا من عضد الحوثيين وهم يؤسسون دولتهم التي حلموا بها؟
كل هذا الدعم طوال الفترة الماضية والممتدة إلى سنوات أربع على الأقل ويقولون إن إيران تدعم اليمن معنوياً؟ الآن وبعد أن تمكنت قوات التحالف العربي من السيطرة على الأجواء والبحار والأراضي وحاصرت الجهد الإيراني قالت إيران إنها تدعم اليمنيين (يعني كل اليمنيين وليس الحوثيين فقط) معنوياً. الآن وبعد أن بدأ الجد وصار الحوثيون أمام الموت وجهاً لوجه قالت إيران إنها تدعمهم معنوياً.
هل يوجد أكثر من هذا صفاقة؟ الإيرانيون ورطوا شعباً بأكمله ونشروا الفوضى في أرضه، وعندما جد الجد ورأوا ما رأوا من بأس قوات التحالف العربي قالوا لهم وللعالم إنما ندعم معنوياً.. هكذا ببساطة.
مرة أخرى مهم التنبيه إلى أن هذا القول ليس صحيحاً؛ حيث الجميع يعرف أن إيران تدعم الحوثيين بكل ما تستطيع، ولكنها لا يمكن أن تعلن عن ذلك وليس لها إلا أن تنكر كي لا تتورط بشكل مباشر وكي لا تلام أيضاً، فظروف إيران، وخصوصاً مع وصولها إلى اتفاق مع الغرب والولايات المتحدة فيما يخص الملف النووي، لا تسمح لها بالإعلان أو حتى الاعتراف بدعمها للحوثيين، ولعلها بعد قليل تلومهم وتعتبرهم مخطئين وليس بعيداً أن تتهمهم بالسعي إلى تخريب اليمن!