مرت البحرين بما تمر به اليمن اليوم، إلا أنه ولله الحمد كان نصيب المؤامرة الانقلابية الفشل الذريع، ولكن يبقى هنا وجه الشبه بين اللجان الشعبية البحرينية التي تشكلت تلقائياً من إجماع الأهالي للتصدي للمليشيات الوفاقية الباطشة الموالية لإيران التي استغلت الحرية التي منحتها الدولة آنذاك، مما جعل تشكيل دفاعات أهلية ضرورة لا بد منها، أولاً للدفاع عن المناطق من الإرهاب الذي تعرض له المواطنون على يد هذه المليشيات، وثانياً لما كانت تركز له هذه اللجان من تأييد لشرعية النظام.هذه الصورة تتكرر اليوم في اليمن، حيث تقوم اللجان الشعبية بمطاردة الحوثيين والدفاع عن مناطقهم وأهلهم وأعراضهم، هذه اللجان بدأت عاصفة الحزم الاعتراف بهم كقوة دفاعية وقاموا بتزويدهم بالأسلحة والذخائر، وذلك ليقينهن أن هذه اللجان هي أقدر على الدفاع، وذلك لما تمتلكه من دراية في مناطقها، إلا أن اللجان الشعبية اليمنية تختلف عن اللجان الشعبية في البحرين، وذلك لما يتمتع به الشعب اليمني من خبرة في استخدام الأسلحة، وطبيعته الخشنة بسبب ظروف الحرب وعدم الاستقرار الأمني طوال العقود الماضية، بينما اللجان الشعبية في البحرين ليس لديها الخبرة القتالية بكفاءة، إلا أنها تتمتع بالشجاعة والإقدام إيماناً بالله ثم إصراراً على الدفاع عن البحرين، وهو ما كان السبب الرئيسي في نجاحها بالتصدي للمليشيات الوفاقية التي كانت تنوي السيطرة على الدولة وتنفيذ عمليات إرهابية فيها.ومن هذه اللجان الشعبية التي أثبتت نجاحها في التصدي للإرهابيين، يجب أن يكون للدول الخليجية مبادرة، وذلك بالبدء بتقوية هذه اللجان عسكرياً، خاصة أن القادم على الخليج العربي لا يبشر باستقرار أمني دائم طالما ظلت هذه الدول بعيدة عن الواقع حين تعود إلى الركون إلى ما كانت عليه من عدم الحيطة والحذر، ظناً منها أنه قد يصطلح الوضع، أو قد يكون هناك تفاهم وتصالح، غير متعظة بأن الانقلاب الذي حصل هو من أشخاص كانت الدولة مطمئنة لهم وكانوا من الذين آمنت لهم وقربتهم وأجزلت لهم العطاء، أي أن هؤلاء لا يمكن أن يوضع فيهم أمان، فهم من الذين إذا عاهدوا خانوا، وإذا آمنوا مكروا، ولذلك فالعودة إلى ما قبل الانقلاب في البحرين أو اطمئنان بعض الدول الخليجية على الاستقرار الأمني الحالي وليس الدائم، هو من أخطر الحالات التي يستغلها العدو بعودته إلى بناء علاقته من جديد مع الدولة، ليقوي من عوده بمزيد من التغلغل، مستفيداً من الهدنة التي صنعها مع النظام، حيث اعتاد أن يكرر كل مرة، فمن أحداث الثمانينات في البحرين وعادت هذه المليشيات وقيادتها إلى بناء نفسها مرة ثانية وتوطيد قواعدها في مؤسسات الدولة، حتى أحداث التسعينات، ثم عودتها مرة أخرى لصلح مع الدولة، ثم نكثها آخر مرة في 2011، والذي كان ختاماً لتمردها، وبعد أن اكتملت صفوفها ورتبت أمورها وبسطت هيمنتها على مؤسسات الدولة الحيوية، مما جعل الدولة تستعين بدرع الجزيرة، وذلك حين وصل مستوى هذه المليشيات من القدرة والتعبئة القتالية إلى درجة النزول إلى الشارع بأسلحتها، وتنفيذ عملية التفجيرات وسيطرتها على الشوارع الرئيسة في البحرين، والشركات والمستشفيات، وهو نفس ما فعله الحوثيون في انقلابهم.إن تكوين اللجان الشعبية ليس بالضرورة أن يكون تشكيلاً دائماً، مما قد يخلق المشاكل حتى بين أهالي المنطقة نفسها، خاصة وقت السلم، ولكن يمكن أن تكون هناك وسيلة تؤدي إلى التشكيل الفوري لهذه اللجان في حال الضرورة، وذلك عن طريق التدريب العسكري الاختياري لأبناء وإخوان وأقارب العسكريين المؤيدين لشرعية النظام، وليس التدريب العسكري فحسب بل حتى التدريب الطبي من إسعافات أولية وغيرها، مما يتيح لهم القدرة على التعامل مع الحوادث المفاجئة أياً كان نوعها، وقيادتهم للجان الشعبية وتوجيهها بناء على دراية وإدراك اكتسبه قائد اللجنة نتيجة التدريب، حيث يكون عمل هذه اللجان منظماً، وذلك تجنباً للفوضى التي قد تسبب أحياناً مدخل لمليشيات الإرهابية، حين تكون هناك فجوات في أطواق الحماية للمناطق أو عدم كفاءة للجان من الناحية الدفاعية.لقد أثبتت اللجان الشعبية المؤيدة للشرعية أهميتها أثناء المؤامرة الانقلابية في البحرين، وها هي اليوم تثبت أهمية أكثر عندما اعتمدت عليها «عاصفة الحزم» في حماية المناطق اليمنية ومواجهة فلول الحوثيين، وذلك عندما زودتها بالأسلحة والذخيرة وأجهزة الاتصالات، أي أنه اليوم ولطبيعة العدو الداخلي الذي أصبح يهدد أمن كل دولة خليجية، أصبح لهذه اللجان دور حيوي ومهم ومكمل للمؤسسة العسكرية والأمنية، ولذا على هذه الدول الخليجية، وبالأخص البحرين والسعودية والكويت، أن تبدأ بالتفكير بجدية في إنشاء لجان شعبية لمواجهة أي خطر خارجي وداخلي.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90