هل أصبحت من مهام المحافظة الشمالية توظيف العاطلين؛ أم أن وزارة العمل أوكلت مهمة توظيف العاطلين لها؟ وما سر اختيار وزارة العمل للمحافظة الشمالية لتدشين برامجها التدريبية دون غيرها؛ أم أنها دعاية ودعم للمحافظة على نفقة وزارة العمل وعلى حساب العاطلين الذين سوف تتجمد أسماؤهم في حواسيب مشروع التوظيف، بعد أن يصبح مصدر الباحثين عن العمل مقتصراً على حاسوب قسم التوظيف التابع للمحافظة؟
ثم ما سر التعاون بين جمعية أهلية لا ندري عن نشاطها؛ بالرغم من دعم «تمكين» لها، أم أنها تعمل على حسب الطلب، وللعلم هذه الجمعية كانت ضمن المؤسسات المدنية التي وقفت بجانب جمعية الوفاق، وشاركت في البيان الذي يتهم الأجهزة الأمنية بأكاذيب وافتراءات، والذي نشر في صحيفة الوسط في 15 فبراير 2011، كما أدانت أيضاً دخول درع الجزيرة أثناء المؤامرة الانقلابية، ونشر في 21 مارس 2011، تحت عنوان «769 من منظمات المجتمع المدني تدين التدخل العسكري الخليجي في البحرين»، حيث دعت فيه هذه المنظمات المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة بالتدخل السريع. إذ إنه من الضروري أن نذكر نبذة تعريفية عن نشاط بعض الجمعيات المدنية.
وها هو أحد التقارير الصادرة من المحافظة الشمالية تحت عنوان «المحافظة الشمالية تدعم برنامج توظيف 10 آلاف عاطل عن العمل»، والذي يقول «أعلن محافظ الشمالية استمرار تنفيذ البرامج التدريبية للباحثين عن عمل من أبناء الشمالية سواء من الجامعيين أم من خريجي الثانوية العامة، وأن التباحث مستمر مع مؤسسات القطاع الخاص في المحافظة، وبالتنسيق مع وزارة العمل».
وتقرير آخر يقول «الشمالية تشرف على توظيف 26 مهندساً بالقطاع الخاص»، حيث ذكر «أنه تم البحث والإعداد لورشة العمل ومعرض التوظيف قبل شهرين، بالتعاون مع وزارة العمل تم فيها جمع البيانات الإحصائية والتواصل مع الشركات المساهمة والأوقاف الجعفرية للتعرف على ما يتوفر من فرص وظيفية في مجال الهندسة ووضع محاور ورشة التدريب بالتنسيق مع رئيس الجمعية».
السؤال هنا نوجهه لوزارة العمل؛ ماذا عن قوائم العاطلين من المحافظات الأخرى؛ أم أن التدريب اقتصر على أبناء المحافظة الشمالية؟ ثم إذا تم حصر الوظائف الهندسية في الشركات والمؤسسات وتخصيصها لأبناء المحافظة الشمالية؛ ماذا تبقى لباقي الخريجين الذي لم يحالفهم الحظ بأن يكونوا من أبناء المحافظة؟ أم أن وزارة العمل ستقوم بتوزيع مشروع العاطلين على المحافظات؟ ثم إذا كانت مسؤولية توظيف العاطلين مسؤولية كل محافظة؛ فأين دور المنسق العام للمحافظات؟ أليس من الأجدر به أن يوجه وزارة العمل إلى تقديم نفس المشاريع إلى باقي المحافظات؟
ثم نسأل ما دور مكتب التوظيف بوزارة العمل إذا كان غير قادر على توفير فرص عمل للعاطلين، وإذا قامت المحافظة الشمالية بدعم توظيف 10 آلاف خريج، وللعلم هذا المشروع خاص لأبناء المحافظة، حسب ما جاء في التقرير: «إن المحافظ حضر توقيع عقود التوظيف للدفعة الأولى بين شركة البحرين والكويت للتجارة العامة المالكة لمشروع (أونست هايبر ماركت)، وبين مجموعة من أبناء المحافظة»، أي أن البرنامج خرج من وزارة العمل بعدما أصبح حاسوب قسم التوظيف بالمحافظة هو مصدر الترشيح، كما ذكر في التقرير «لدينا سجل إحصائي يمكن الاعتماد عليه في عملية حصر الباحثين عن العمل»، كما صرح المحافظ بأن «المحافظة ستشرع في دعوة حملة الشهادات لتسجيل بياناتهم تمهيداً لإعداد القائمة التي ستشارك في ورش العمل».
هناك سر خفي حين تتمكن محافظة الشمالية وعن طريق مكتب التوظيف التابع لها، والذي لا يمكن مقارنته بحجم مكاتب مشروع التوظيف بوزارة العمل، بأن تتولى مهمة توظيف العاطلين، ولا يمكن أن نفسر هذا السر إلا بعدم كفاءة موظفي المشروع، وعدم قدرة وزارة العمل على إدارته، أو رغبة وزارة العمل في تلميع صور المحافظة؛ ما هي الأسباب؟ لا ندري، أم أن هناك سعياً لحصر التوظيف في محافظات بعينها ومناطق دون غيرها لأسباب قد لا ندري عنها أيضاً؟
إن هذه القضية مهمة جداً، خاصة بأن هناك أطرافاً قوية تدعم مشروع التوظيف الذي تتولاه هذه المحافظة، منها تحويل مهمة مشروع التوظيف إلى محافظة بعينها، وتحويل المحافظة إلى معهد تدريب تدريجياً بدعم وزارة العمل ومشاركة جمعية أهلية، والذي قد يصبح معهد تدريب تحت مظلة المحافظة، يقوم بالدور نفسه الذي كان يقوم به معهد البحرين للتدريب أثناء تبعيته بوزارة العمل.
إذن من الأفضل وللمصلحة الوطنية أن يفصل مشروع التوظيف من وزارة العمل ويلحق بهيئة سوق العمل حتى يعم الخير جميع أبناء البحرين.