من المؤكد أن مشروع «تاء الشباب»، والذي تعنى به هيئة البحرين للثقافة والآثار، يعتبر من أهم المشاريع الرائدة في مجال العمل الشبابي التطوعي على كل الأصعدة والمستويات في مملكة البحرين، فتاء الشباب يعتبر من أكثر المشاريع الناجحة على الإطلاق فيما يتعلق باحتضان المواهب الشابة واحترامها، والتركيز على كل الجوانب الإبداعية في شخصيتهم ومن ثم دعمهم بكل السبل المتاحة.
ليس هذا وحسب؛ بل هناك الكثير من الدول العربية «والخليجية» منها على وجه الخصوص، حاولوا استيراد فكرة تاء الشباب البحرينية، لما لاقته من نجاح كبير في مملكة البحرين والعالم العربي، جاهدين للعمل على تطبيق الفكرة في دولهم، والفضل كل الفضل يعود لرئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وللراحل الكبير الأستاذ محمد البنكي، حيث إن الأخير وضع مشروع الفكرة وأسسها، والأول عمل على إنجاحها ودعمها واستمرارها.
كلنا يعلم أن مشروع تاء الشباب هو مشروع موسمي يقام في كل عام مرة واحدة، وربما يغطي هذا المشروع الكبير شريحة لا بأس بها من الشباب البحريني وعلى مختلف الأصعدة والأنشطة الشبابية، لكن في المقابل لم نجد مشاريع شبابية تنهض بالشباب البحريني كما نهضت به تاء الشباب، فكل البرامج المتاحة والمخصصة لشبابنا لا ترتقي لتغطية بقية أيام السنة أو ملء بعض فراغها الآخر، سوى بعض الأنشطة الرياضية الخجولة التي تقوم بها الأندية، والتي عادة ما تكون متاحة لمن يلعبون بين أروقتها فقط، أو عبر أنشطة تقوم بها المؤسسة العامة للشباب والرياضة وكذلك بعض البرامج الصيفية، تلك التي تقوم بها كل من وزارة التربية والتعليم ووزارة التنمية الاجتماعية.
مع احترامنا وتشجيعنا لكل البرامج التي ترعى شبابنا في البحرين؛ إلا أنها أضحت برامج روتينية أو مكررة، فالبرامج التي تطرحها غالبية الجهات الرسمية لم تعد تغري شبابنا في العطلات الصيفية أو حتى في أوقات فراغهم، لأنها برامج لم تأت بالجديد، وليس فيها الكثير من المحفزات التي تدفع مجاميعنا الشبابية للانخراط فيها والعمل في أجوائها.
يجب على مؤسسات الدولة المعنية بشريحة الشباب أن تنهض بمشاريع خلاقة ومبدعة كفكرة تاء الشباب، وإلا سيظل شبابنا البحريني عرضة للخطر، وعرضة للانخراط في عالم السياسة وربما عالم الإرهاب والانحراف، ومن ثم ضياع مستقبله بالكامل، وفي النهاية فقدانه البوصلة الحقيقية التي توصله إلى بر الأمان. إن الشباب البحريني أمانة في أعناقنا، ونحن كلنا مسؤولون عن بنائه وتربيته وفق خطط ومشاريع ناجزة وليست طارئة.
نقطة أخيرة ومهمة في هذا المجال؛ وهي افتقار مؤسساتنا الرسمية والأهلية كذلك في رعاية الفتاة البحرينية وتوجيهها للطريق النهضوي والعملي، فغالبية الفتيات يعانين من فراغ رهيب طيلة أيام العام، لأن البرامج التي تعني بشؤونهن شحيحة للغاية، وربما تكون معدومة في غالبية أيام العطل، ولهذا وجب التنبيه على استحداث وخلق برمج لفتياتنا البحرينيات حتى لا يصبحن فريسة الفراغ أو المشاريع الأخرى غير المقبولة، فكما يجب خلق فرص لشبابنا البحريني للانخراط في برامج شبابية ناهضة، يجب أن تنال الفتاة ذات الأهمية إن لم يكن أكثر من نصفها الآخر، وفي البرامج المشتركة «كتاء الشباب» فإن كل منهما يكمل الآخر، وما أجمله من تكامل. احتضنوا شبابنا البحريني بصنفيه، وإلا فهناك ألف جهة تتربص للعبث بوعيه ووقته وطاقته، وهذا هو التحدي القادم.