لغرض ما في نفس إيران؛ قامت بتوجيه الفضائيات التابعة لها وتلك المحسوبة عليها وإذاعاتها وصحفها إلى اعتماد عبارة «العدوان السعودي» على اليمن، رغم أن الشقيقة الكبرى ليست إلا جزءاً من التحالف ضد الانقلاب على الشرعية في اليمن، وإن كانت تقوده، عدا أن الأمر لا يمكن أن يصنف تحت بند العدوان لأنه لا يستهدف الشعب اليمني ولا سلب أرضه والسيطرة عليه؛ وإنما يرمي إلى إعادة الأمور إلى نصابها بعدما استفحل خطر الحوثيين وصار يهدد أمن المنطقة واستقرارها، وبعدما كثرت أخطاؤهم وتبين أنهم مجرد أدوات تستخدمها إيران في سعيها إلى السيطرة على المنطقة وفرض رأيها في العراق وسوريا ولبنان التي ورطت نفسها فيها.
العدوان جاء من طرف الحوثيين الذين تعمدوا إيجاد فراغ دستوري وأوهموا الجميع بالحوار وسيطروا على العاصمة صنعاء، ولم يترددوا عن وضع الرئيس الشرعي لليمن تحت الإقامة الجبرية وتفرغوا بعدها إلى السيطرة على المدن والمحافظات، حتى وصلوا إلى عدن التي أعلنها الرئيس عبدربه منصور هادي عاصمة مؤقتة للبلاد بعد تمكنه من كسر الإقامة الجبرية.
ما فعله الحوثيون هو الذي يندرج تحت بند العدوان، وهو انقلاب على الشرعية واعتداء على مقدرات اليمن بدعم من إيران التي قامت بذلك بكل ما أوتيت من قوة، ولم تتوقف، أو بالأحرى تتعطل إلا بعد أن أحكمت قوات التحالف السيطرة على اليمن، فصارت أمام أمرين لا ثالث لهما؛ إما النأي بنفسها والقول إنها «مش معاهم» أو الدخول في مواجهة عسكرية مع قوات التحالف، وهو ما ليس في صالحها.
المتابع لفضائيات العالم والميادين والمنار وغيرها في إيران ولبنان والعراق وبريطانيا بشكل خاص يلاحظ أن تركيزها إضافة إلى اعتماد تلك العبارة المليئة بالتطاول والبعيدة عن الواقع هو على بث صور المتضررين من الحرب من المدنيين الذين يصعب توفير الأمان لهم في مثل هذه الحالة، ويصعب التأكد من الجهة التي كانت سبباً في سقوطهم، بل أن التركيز يكون على الأطفال والنساء والشيوخ بغية إقناع المتلقي بأن هؤلاء الأبرياء ضحايا «العدوان السعودي»، وأن قوات التحالف لم تتمكن من الحوثيين، أي أنها فشلت فلم تجد أحداً تضربه سوى هؤلاء البسطاء الذين خسروا أرواحهم ظلماً.
عبارة سمجة، الهدف من اعتمادها في نشرات الأخبار بهذه الفضائيات واضح، خصوصاً وأن إيران لا تستطيع أن تدعم في هذه المرحلة إلا من خلال الإعلام الذي تعود الزيف واستمرأ التطاول على الآخرين، واعتمد منهج قلب الحقائق وتقديم المعلومات المغلوطة على أنها هي الحقيقة، فحسبها «العدوان سعودي، والسعودية ترفض السماح لفرق الإنقاذ وطواقم الإسعاف والصليب الأحمر من القيام بواجبها، والسعودية ترفض الهدنة وترفض الحلول السياسية وكل القرارات التي تصدر عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن».
هذا الزيف المقيت هو الذي يقدمه الإعلام الإيراني للجمهور من دون أن ينتبه إلى أن للناس عقولاً وعيوناً وآذاناً، وأنهم يرون ما يجري في ساحة الوغى على الهواء مباشرة ويستطيعون أن يميزوا ويفهموا ما يدور ويقرأوا ما هو كامن بين السطور.
المثير هو أن البعض هنا يردد ما يبثه الإعلام الإيراني حتى وإن تأكد من زيفه، حيث يكفي أنه صادر من إيران وليس من السعودية كي يعتبره صحيحاً بل دقيقاً فيشارك في نشره.
المتابع للإعلام الإيراني يتصور أن الحوثيين لم يخسروا رجلاً واحداً رغم كل هذه العمليات، وأنهم يحققون الانتصارات في كل ساعة، وأن الهزيمة النكراء هي مصير «العدوان السعودي».
لكن مقابل هذا البعض القليل يؤمن العالم بأن ما يجري في اليمن هو عدوان حوثي وإيراني، وأن السعودية التي تقود قوات التحالف إنما تريد إصلاح ذات البين في هذا البلد الشقيق.