يبدو أن المشهد السياسي والعسكري في مخيم اليرموك من أصعب المشاهد الفلسطينية في الوقت الراهن، إن لم يكن في كل الأوقات، وكأن ما ينقص أخوتنا في مخيم اليرموك من الفلسطينيين المهجرين عنوة عن أراضيهم، أن يظل مخيمهم تحت القصف والذبح والدمار، لكن هذه المرة ليس من الطرف الإسرائيلي؛ إنما من طرف الجماعات الجهادية الإسلامية المسلحة وغيرها.
لعل من أبرز المتصارعين في مخيم اليرموك اليوم هم داعش وأكناف بيت المقدس وأحرار جيش التحرير وجبهة النصرة وفصائل فلسطينية معارضة وموالية كذلك، إضافة للجيش السوري النظامي.
يقول المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» بيير كراهينبول إن «أكثر من 12 جماعة مسلحة تتقاتل حالياً داخل وحول مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا».
تقول بعض وكالات الأنباء إن الأحداث في سوريا دفعت ما لا يقل عن 185 ألفاً من أهالي المخيم إلى ترك منازلهم، والنزوح إلى مناطق أخرى داخل سوريا أو اللجوء إلى دول الجوار، في حين تقول بعض الإحصائيات إن المخيم كان يضم نحو نصف مليون سوري وفلسطيني قبل اندلاع الصراع في سوريا عام 2011، ونزح معظم سكانه ليتبقى منهم حاليا نحو عشرين ألفا فقط. اليوم غالبيتهم في طريقهم للخروج من المخيم الذي لم يعد صالحا للبقاء فيه، خصوصا بعد دخول داعش والصراع العنيف الدائر بين كل الفصائل المتناحرة داخل المخيم.
من جهة أخرى، قالت مصادر إخبارية مقربة من حركة حماس «إن مخيم اليرموك الفلسطيني جنوب دمشق، يواجه الآن مصيره المحتوم بموت سكانه جوعاً بعد أن أفشلت منظمات معارضة سورية وفلسطينية مبادرات الحركة ومنظمة التحرير الفلسطينية وفصائل فلسطينية أخرى لحل الأزمة». وأكدت المصادر إلى أن «ربطة الخبز في المخيم قفز سعرها إلى 100 دولار، كما قفز سعر كيلو الأرز إلى المبلغ ذاته، مؤكدة على أن جهود الحل وصلت إلى طريق مسدود»!
حين يفر أهل المخيم من الموت المحقق من العدو يواجههم الموت المؤكد من الصديق، ولأن الأمور اختلطت على السياسي وعلى المتابع وعلى أهل المخيم وربما حتى على المتصارعين داخله، لم يعد بالإمكان تحقيق تصالح في مخيم يعج بالفقر والغربة والموت.
إن أهالي مخيم اليرموك اليوم في أمس الحاجة إلى المساعدة العربية، آملين أن يتلفت إليهم بعض العرب ولو قليلا من الوقت لإخراجهم من محنتهم. مخيم اليرموك الذي أنشأ عام 1957 على مساحة تقدر 2.11 كم مربع فقط لتوفير الإقامة والمسكن للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وهو من حيث تصنيف وكالة «الأونروا» لا يعتبر مخيم رسمي. وهو أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا، يستغيث بكل العرب أن ينقذوه من محنته الحاضرة لتأمين أبسط مقومات العيش الإنساني فيه بعيداً عن أبسط مقومات الكرامة.