كان اتفاق «لوزان» بين إيران مع الدول الكبرى حول برنامجها النووي بمثابة الاعتراف من هذه الدول بأحقية إيران امتلاك السلاح النووي بموافقة دولية بعد أن كانت يوماً ضرباً من المستحيل، نتساءل؛ ما هي حقيقة هذا التغير في السياسة العالمية تجاه إيران، خصوصاً من الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تُعتبر العدو الأول لطهران، في حين نراها تعيش ربيعاً من العلاقات والتقارب مع إيران التي هي ذاتها كانت تطلق على أمريكا «الشيطان الأكبر»، ولكن يبدو أنها أصبحت اليوم «الأخ الأكبر»، هذا الاتفاق الذي نأمل أن يؤدي إلى أن يضمن الأمن والسلم في المنطقة وتغير في السياسة الإيرانية التي دائماً تتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، خصوصاً دول مجلس التعاون الخليجية لا سيما مملكة البحرين، إلا أننا نستبعد ذلك!
بعد هذا الاتفاق الذي وصفه البعض بأنه تاريخي سيتم رفع العقوبات المفروضة على إيران، وبالتالي ستتمكن من تطوير البرنامج النووي والحصول على أموالها المجمدة في الغرب، وستكون هذه الجمهورية التي ما فتئت تتدخل في شؤون جيرانها في المنطقة بالذات دول مجلس التعاون، وبالتالي فإن هذا الاتفاق سيؤدي إلى توجس وقلق للأمن القومي لدول الخليج بسبب سياسة إيران في تهديد أمن واستقرار المنطقة برمتها، وما يحدث اليوم في اليمن هو بسبب إيران ودعمها للمليشيات الحوثية وقبلها هيمنتها على العراق وسوريا وتعطيل الحياة السياسية في لبنان ودعمها الانقلابين في البحرين إبان عام 2011، فالمتضرر من هذه الاتفاقية هم العرب حيث ستستخدمها إيران لتنفيذ مخططها الأيدلوجي في المنطقة.
كان السؤال النيابي الذي تقدم به النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الشيخ عبدالحليم مراد يصب فيما يدور في الشارع البحريني الذي يريد أن يعرف خفايا هذا الاتفاق الذي تم بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية من مفاوضات، هل تم إطلاع دول مجلس التعاون على حيثيات هذا الاتفاق قبل توقيعه أم أن دول الخليج التي ستكون مهددة في أمنها القومي من النووي الإيراني الذي اعتبره الرئيس الأمريكي باراك أوباما إيران ووصفها بأنها ليس هي الخطر الأكبر على بلدان دول مجلس التعاون، وبدورنا نتساءل إذا لم تكن إيران هي هذا الخطر فمن باعتقاد سيادة الرئيس هو الخطر على أمن دول المجلس القومي؟ وهناك تساؤلات كثيرة تلوح بعد هذا الاتفاق وما حصل فيه من تنازلات ومفاوضات من تحت الطاولة بين أمريكا والدول الكبرى وإيران التي تعتبر نفسها قد انتصرت وأصبح بمقدورها العمل وعلى مرأى من العالم في تطوير برنامجها النووي دون أي خوف، بل وسترفع العقوبات وتعاد لها أموالها التي تقدر بالمليارات، وهنا سيكون لإيران وأذرعها دور في التدخل وزعزعة الأمن والاستقرار في دول الحليج والدول العربية.
الاتفاق النووي الإيراني تم خلال توجيه قوات التحالف العربي ضربات عسكرية لميلشيات الحوثي من خلال عاصفة الحزم التي لم تعر أي اهتمام لهذا الاتفاق واستمرت في عملياتها حتى القضاء على المتمردين على الشرعية في اليمن، هذا يعني أن دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية مصممة على تحييد التدخلات الإيرانية في المنطقة وهي رسالة قوية بأن النووي الإيراني، وإن كان يهدد الأمن القومي، إلا أن عاصفة الحزم أيضاً تعني بأن القوة العسكرية الخليجية والعربية لا يستهان بها، وعلى إيران أن لا تتهور وتقحم نفسها في حرب من خلال إرسالها بعض السفن الحربية إلى خليج عدن ومضيق باب المندب بحجة تأمين الملاحة البحرية الإيرانية.
- همسة..
ما يدعونا للغرابة هو تناقض سياسة الولايات المتحدة الأمريكية التي أكدت، وعلى لسان وزير خارجيتها، علمها بدعم إيران لمسلحي الحوثي في اليمن، في الوقت الذي تفاوض إيران وأعطتها الضوء الأخضر لبناء ترسانتها النووية، وتقول بأنها لا تتطلع لمواجهتها عسكرياً إلا أنها لن تتخلى عن أمن واستقرار دول الخليج، ماذا يعني كل ذلك!؟