لم يكن سؤال النائب محمد الأحمد لوزير المواصلات لدغدغة مشاعر الناس، بل هو سؤال لإطلاع المواطنين على مصالحهم ومنافعهم من شركات حكومية تفاءلوا بها، إنها بالطبع وقطعاً ليس دغدغة حين يكون جوابها «لو لم تدفع ممتلكات سوف تقوم الحكومة بدفع الدين»، بل هي مسؤولية النائب أن يسأل المسؤولين عن صرف مئات الملايين، التي لم نسمع عن أرباحها ولا ندري عن مشاريعها غير دعمها لفعاليات شباب وأجيال ونخلة وشجرة، وما شابهها من تسالي وبرامج ترفيهية يستأنس بها النخبة.
نتحدث عن بعض من الدغدغة، ونبدأ بالملياري دولار التي ضخت إلى طيران الخليج، ونسأل كم مليار آخر مطلوب من الدولة أن تضخها لطيران الخليج؟ هل يشرح لنا سعادة الوزير ما هية هذه الديون التي وصلت إلى 470 مليون دينار، وخسائرها وصلت إلى 60 مليون دينار ويتوقع أن تصل إلى 40 مليون دينار؟
أي أن خسائر طيران الخليج لا زالت مستمرة، فإلى متى يا سعادة الوزير هذه الخسائر؟ ولماذا الإصرار على استمرار شركات ومشاريع خاسرة؟ وهل هناك أسباب مقنعة لاستمرارها؟ وماذا كانت تفعل «ممتلكات» منذ 2006؟ وما دورها في شركة طيران الخليج؛ التي برغم خسارتها، فرواتب موظفيها تتراوح بين 3 و4 و5 و6 و7 و8 آلاف دينار؟ فهم ليسوا علماء فضاء ولا ذرة أو جراحي قلب، بل لا تتعدى وظائف إدارية، جاء الكثير منهم بخبرات محدودة من قطاع خاص أو حديثي التخرج، فإذا بهم في يوم وليلة يصبح راتبهم يزيد على راتب الوزير، هذه الرواتب والشركة مديونة وخسرانه، فبالله عليكم كم ستكون رواتبهم بعد أن تتعافى الشركة من الديون؟ إذاً يا سعادة الوزير هذه ليست دغدغة؛ بل هي الحقيقة المرة التي يتحاشى مواجهتها مسؤولو ممتلكات.
ثم أن النائب الأحمد يا سعادة الوزير لم يأتِ بأرقام من خياله ولا من دفاتر حساباته، فهو يقول لك «نحن نتحدث عن الفساد الذي ذكره تقرير الرقابة المالية»، وذلك عندما بلغت ديون ممتلكات 56 مليون دينارا، وإدامة هي شركة تابعة وقد خسرت 209 ملايين دينار، فهل يشرح لنا سعادة الوزير ما أسباب هذه الخسارة؛ أم أنها أيضاً مجرد «دغدغة لشعور المواطنين»؟.
نأتي إلى رد الوزير بأن ممتلكات لا تملك صلاحية لتوجيه الشركات المنضوية لممتلكات، إذاً لماذا تدفع ممتلكات عشرات الملايين من الدنانير وتسدد الديوان عنها طالما ليس لديها صلاحية؟ أليس هناك محاسبة وتحقيق وإعداد استراتجية وإعادة نظر في مصروفات الشركات ومنها شركة طيران الخليج؟
ثم ما قصة «لا تدودهون الناس» بالنسبة لخسارة 250 مليون دينار حول أرض إدامة بأنها هي خسارة دفترية، الصراحة بالفعل «تدودهنا» لأن الناس الذين تقصدهم لا يعرفون معنى «خسارة دفترية»، أم أنها خسارة تأتي تحت باب «القصيصون»، ما دامت المسألة فيها «تدوديه».
كما نأتي إلى فقرة من رد الوزير التي تقول «متأكد من نية مجلس النواب ومشاعر القهر تجاه طيران الخليج»، نقول له إذاً أنك تعلم أن ما يحدث في هذه الشركة قهر، وعشرات الملايين التي تضخ إليها سنوياً قهر، ورواتب الموظفين التي تفوق رواتب موظفي الدولة بمختلف درجاتهم مهندسين وأطباء هو أكبر قهر.
ونتمنى هنا من المسؤولين في الدولة النظر إلى هذه الخسائر الفادحة، ومنها هذه الشركة الكثيرة التناقضات من صغار الموظفين تحسب عليهم الزيادة السنوية بالفلس ومنهم من حرم منها، وموظفون قفزت رواتبهم آلاف الدنانير، موظفون يخرجون على برنامج العروض الذي يكلف الشركة ميزانية ضخمة، وبالمقابل يتم توظيف غيرهم يستلمون أضعافاً مضاعفة من رواتبهم، والذي كان على الوزير إصلاح الوضع فيها بالعدالة والمساواة والعقل، لأن لا يعقل أن يستلم مدير 7 أو 8 آلاف دينار، ومقابل ماذا؟ على إدارته لموارد بشرية أو طاقم ضيافة أو خدمات زبائن، ناهيك عن الرواتب العالية الأخرى وكلها على حساب المواطن البحريني الذي تدغدغت مشاعره حتى تشنجت، عندما يرى أن الدولة تتحدث عن عجـــز في الميزانية وفي الجانب الآخر تضخ إلى شركة خاسرة مئات الملايين من الدنانير، وهذا رقم يقول إنه قد وصل الدعم لملياري دولار، وكذلك بالنسبة لشركة إدامة التي نتمنى على الوزير أن يروي لنا عنها حكاية، فلا نعرف عنها إلا أنها تدعم فعاليات وأنشطة ومهرجانات حصرية ومخصوصـــة.