لقطتان مؤثرتان تناقلتهما بعض وسائل التواصل الاجتماعي «الواتس آب» لمواطن حداوي بسيط نشأ قي بيئة بحرينية بسيطة مصاباً بإعاقة جزئية ولكنه كان يحمل في صدره قلباً أبيض مليئاً بالإخلاص والولاء وكان مثالاً للانتماء الذي كان سمة من سمات الزمن الجميل.
إنه المشجع العرباوي الوحداوي الهلالي النجماوي «بشير» الذي كان يتحمل عناء ومشقة التنقل من الحد إلى أي مكان كان يلعب فيه فريق النادي العربي لكرة القدم منذ سبعينات القرن الماضي واستمر هذا العشق حتى بعد أن تغيرت مسميات النادي على مدار الاندماجات الثلاثة بدءاً بالوحدة وانتهاءً بالنجمة مروراً بالهلال، وهذا ما يؤكد تأصل الانتماء في هذا الإنسان البسيط الذي لم تغيره متغيرات الحياة -كما غيرت كثيرين غيره ممن تنكروا لأصولهم وانتماءاتهم- بل ظل مخلصاً وفياً للنادي الذي أحبه وعاش في ذاكرة تاريخه.
لم يعد بشير اليوم قادراً على الحركة كما كان في أيام شبابه بل أصبح يتنقل على كرسي متحرك وفي أماكن محدودة في مسقط رأسة مدينة الحد التي نشأ فيها وترعرع بين أزقتها، بينما ظل عشقه الكروي محصوراً في الحورة ثم تحول إلى القضيبية قبل أن يستقر في الجفير، ولايزال يتابع أخبار نادي النجمة وتحديداً الفريق الأول لكرة القدم، وحزن أيما حزن على هبوط الفريق إلى الدرجة الأولى ومازلت أذكر تلك المكالمة الهاتفية التي خصني بها أخي العزيز بشير بعد تأكد هبوط النجمة إلى الدرجة الأولى، وكان يعبر فيها عن حزنه الشديد على ما آل إليه حال هذا الفريق الذي لطالما أسعده بنتائجه الإيجابية وبنجومه المرموقين وبإنجازاته المحلية، وقد لمست في مشاعره وأحاسيسه ما لم ألمسه في كثير من مشاعر وأحاسيس لاعبي وإداريي الفريق الهابط!
لقد تأملت كثيراً في اللقطتين اللتان تناقلتهما بعض وسائل التواصل في الأيام الأخيرة، وعادت بي الذاكرة إلى تلك الأيام الجميلة التي تميزت فيها رياضتنا بالبساطة والإخلاص والتفاني، ولم يكن للماديات فيها أي تأثير على تحويل الانتماءات، وها هو بشير مثال حي على هذه السمات الحميدة التي لم نعد نشاهدها في هذا الزمان إلا بالكاد!
خيراً فعل مدير كرة القدم بنادي الحد الأخ أسامة المالكي عندما قدم كأس الملك «أغلى الكؤوس» إلى الحداوي الأصيل بشير، فهذه المبادرة تعد خير تكريم لهذا المواطن البسيط عاشق كرة القدم، كما أنها جاءت مكملة للمبادرات الحداوية المميزة التي أسهمت في تحقيق اللقب التاريخي.
ومن محاسن الصدف أن يتكرر هذا المشهد بعد سنوات طويلة من المشهد الأول حين كان بشير في عنفوان شبابه حاملاً كأس الأمير عندما فاز به فريق نادي الوحدة في تسعينات القرن الماضي.
أتمنى أن يكون هذا العمود المتواضع رسالة لأصحاب القلوب الرحيمة والأيادي البيضاء ولمن يقودون الرياضة في مملكتنا مملكة الخير لتحسين أوضاع هذا المواطن المخلص، وتحية من الأعماق إلى نادي الحد على هذه اللفتة الإنسانية الأصيلة.