من المشين حقاً ما طالعتنا به وسائل الإعلام حول سكن المطلقات والمهجورات ومن في حكمهم، والذي علقت عليه وزارة الإسكان بأن هذا النوع من السكن يمكن أن يكون مرتعاً للرذيلة!
للأمانة لم أصدق ما كتب في الصحافة؛ ولكن عندما شاهدت فيديو الجلسة والذي تحدث فيه كل من عضوي الشورى السيدة فاطمة الكوهجي والسيد فؤاد الحايكي رئيس اللجنة المعنية عن أن وزارة الإسكان وخلال اجتماعها مع اللجنة أكدت بأن هناك كلفة عالية لدمج «النوع الخامس»، ويقصد به الأرملة والمطلقة والعزباء والمهجورة، بالإضافة إلى أن هذه الفئة من اختصاص جهات أخرى وهي وزارة التنمية الاجتماعية، وقال سعادة عضو الشورى رئيس اللجنة «إن وزارة الإسكان قالت إن هذا النوع من السكن لهذه الفئة قد يفتح باباً ويدخلهم في إشكالات وقد تستخدم الوحدات السكنية لأمور غير أخلاقية»، كما ويوضح الفيديو رد سعادة العضوة فاطمة الكوهجي واستغرابها واستنكارها على ردود وزارة الإسكان لتخوفهم لاستخدام هذا النوع من السكن لأمور غير شرعية من قبل هذه الفئة.
وأنا هنا أستنكر باسم كل امرأة بحرينية هذا السبب غير اللائق والذي يسيء لتاريخ المرأة البحرينية المشرف، هذه المرأة التي كانت تتكبد عناء تربية أبنائها في فترة غياب الأب لغرض الغوص، هذه المرأة التي تعمل جنباً إلى جنب مع الرجل من أجل بناء المجتمع.
إن المرأة البحرينية على مر التاريخ كانت مثالاً يحتذى به؛ فهي مربية الأجيال، فكيف يعقل أن تلصق بها هذه التهم المشينة؟ وكيف يكون التفكير بها بهذه السطحية؟ أيعقل أن يلغى حقها في الإسكان لأسباب غير منطقية تسيء إساءة كبيرة للمرأة البحرينية بشكل عام؟
فبدلاً من أن تفكر وزارة الإسكان في صون والحفاظ على كرامة المرأة بتوفير سكن لائق لها يكفل كرامتها، يقول إنه يخشى أن تستخدم هذه المساكن لأعمال منافية للأخلاق.
حتى عندما قامت وزارة الإسكان بنشر بيان «يكذب» نقل الصحافي ويبين «سوء فهم عضوي مجلسي الشورى»، كان الرد يدين الوزارة أكثر من أن ينفعها، وكأن وزارة الإسكان تقول «إن الجميع لا يفهم»، وتلصق صفة الكذب برئيس اللجنة.
لا أعلم ماذا دار خلال اجتماع المسؤولين في وزارة الإسكان باللجنة المعنية في مجلس الشورى، ولكن يمكننا الرجوع للتسجيل لنتعرف على أن ما نوقش خلال الاجتماعات بين الطرفين كان مسيئاً جداً بالنسبة لسمعة المرأة البحرينية وفيه الكثير من الظلم لها. وقد كان من الحري أن تقوم الوزارة في ذات البيان بتفصيل عدد الخدمات الإسكانية التي قدمتها للمرأة البحرينية بالأرقام ليقتنع القارئ أكثر بنوايا الوزارة ودعمها للمرأة، فكم وحدة سكنية أو قرض شراء أو بناء قدمت للمرأة البحرينية بشكل عام، وكم خدمة قدمت للمرأة المطلقة أو المهجورة أو العزباء أو الأرملة؟ وما هي التسهيلات التي تقدمها وزارة الإسكان لهذه الفئة من البحرينيات؟ وما هو نصيب هذه الفئة في برنامج عمل الحكومة؟
جهود جبارة يتبناها المجلس الأعلى للمرأة بقيادة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى لتمكين المرأة ودعمها، جعلت المرأة البحرينية تحصل على مزيد من الحقوق والحريات، فلماذا لا تتعاون وزارة الإسكان مع مشاريع المجلس الأعلى للمرأة لتعزيز هذه المشاريع التي من شأنها أن تضمن مزيداً من الكرامة والعزة للمرأة البحرينية.
أتمنى من المسؤولين في جميع الوزارات الخدماتية التعامل مع هذه الفئة بعين من الرأفة والعطف، حيث إن الأرملة لم تقتل زوجها ولم تختر له الموت، والمطلقة أجبرها القدر على الانفصال والطلاق، والعزباء لم يشأ لها القدر بالارتباط وتكوين عائلة، والمهجورة ساقها قدرها لرجل يهجرها ويتركها دون عائل.. فلا نكن نحن وقساوة الظروف على هذه الفئة، ولنعمل جميعنا جاهدين للسمو والارتقاء بهذه الفئة وإعطائها مجمل حقوقها.