الأسطوانة الجديدة التي بدأت إيران توزيعها عبر وسائلها الإعلامية وتوابعها هي أن عاصفة الحزم تخدم إسرائيل، والمعنى واضح وهو توصيل رسالة إلى البسطاء مفادها أن «الشقيقة الكبرى قادت العملية في اليمن خدمة لإسرائيل»، هكذا بكل بساطة، وهكذا بكل وقاحة. السعودية ودول التعاون والدول العربية التي تشارك في عاصفة الحزم تعمل على تحقيق أهداف إسرائيل وخدمتها. ما هذه البلادة؟ وهل يمكن لعاقل في العالم أن يصدق مثل هذا الادعاء؟ وهل يمكن لدول لاتزال في حرب مع إسرائيل ومقاطعة لها أن تعمل على خدمتها؟
المتابع للفضائيات الإيرانية وتلك المحسوبة عليها، مثل الميادين والمنار بوجه خاص، يلاحظ أن التركيز هذه الأيام في أخبارها وبرامجها التي تستضيف فيها كل من يقول بقولها ويشجعها على موقفها ويعززه هو على أمرين؛ الأول هو محاولة إقناع العالم بأن عاصفة الحزم لم تتمكن من الحوثيين ولن تتمكن منهم وأنها بدلاً عن هذا الهدف الصعب دمرت البنية التحتية لليمن ومستمرة في قتل الأبرياء، ولهذا فإنها تبث يومياً وتعيد على مدار الساعة الصور واللقطات التي تظهر تضرر بعض المواطنين جراء المعارك وتركز بصورة خاصة على الأطفال والنساء وكبار السن، وتجري المقابلات مع الجرحى في المستشفيات وتهتم بإظهار اللقطات التي يتوفر فيها بقايا المقتنيات البسيطة والأحذية ودمى الأطفال والدماء، وتهتم بالقول بأن المستشفيات تعاني من نقص في الأدوية والمعدات والأطباء، وأن الناس في اليمن صاروا يقتاتون من براميل القمامة.
أما الأمر الثاني الذي تركز عليه في أخبارها وبرامجها؛ فهو إشاعة أن دول التحالف العربي تخدم بفعلها هذا إسرائيل، وأن هذه الخدمة ليست بالمرور، كما في لعبة الشطرنج، ولكنها تعمل من الأساس على تحقيق هذا الهدف، فهذه الدول جميعها مجرد أدوات في يد إسرائيل وأنها مأمورة من الولايات المتحدة والغرب لتنفيذ جزء من الخطة المعتمدة لتفتيت الوطن العربي وإدخال بلدانه في حروب صغيرة لا تنتهي!
ربما كان مبلوعاً أن تقول إيران إن الغرب يسعى إلى تفتيت الوطن العربي خدمة لمصالحه، وربما كان مبلوعاً أيضاً أن تقول إن إسرائيل تستفيد من كل اختلاف بين العرب وكل حرب تقع بينهم لأن في هذا إضعافاً لهم وفيه بالضرورة قوة لها؛ لكن أن تقول إن المملكة العربية السعودية ودول التعاون تسعى عبر عاصفة الحزم لخدمة إسرائيل وأهدافها؛ فهذا ما لا يمكن أن يمر على أحد أبداً مهما كان مستواه العقلي، بل لا يمكن أن يصدقه حتى المذيعون ومقدمو البرامج في تلك الفضائيات.
هكذا تتعامل إيران مع العقول في كل العالم، تريد أن تقنع الناس عنوة بأن هذا الحمار غزال وأن الأحمر أخضر وأنها الوحيدة التي ينبغي تصديقها لأنها لا يمكن أن تقول سوى الحق وأن غيرها لا يقول إلا الباطل.
طبعاً في إيران يمكن للكثيرين أن يصدقوا ما تقوله فهناك لا يمكن لأحد أن يخالف الملالي، وفي خارجها يمكن للكثيرين من المهووسين بها أن يقولوا بما تقوله ولو من باب الموالاة، لكن خارج هذا الإطار لا يمكن لأحد أن يصدق مثل هذا الهراء الذي تسلي به نفسها وتعوض عن ضعفها وخذلانها لمن دفعته إلى الوقوع في هذا المأزق الذي لا مخرج منه سوى بالاستسلام.
في المقبل من الأيام سيسمع العالم أسطوانات أخرى جديدة، كلها تهدف إلى الإساءة إلى دول التعاون والدول العربية وعلى الخصوص الشقيقة الكبرى التي تقود عملية عاصفة الحزم باقتدار، ولن يكون غريباً القول إن من بين المحاربين ضد الحوثيين إسرائيليين وطائرات حربية إسرائيلية، بل ليس بعيداً الادعاء أنه تم رصد مكالمات بين ضباط سعوديين وإسرائيليين يتكلمون بالعبرية!