يقول رئيس مجلس النواب أحمد الملا بأن الميزانية العامة للدولة للعامين القادمين لن تمر بسهولة من مجلس النواب بالأخص إن تم ربطها بالتزام النواب تجاه المواطنين وما وعدوهم به من تحسين للأوضاع.
في حين أكد النائب علي المقلة على ما قلناه قبل أيام بأن تأخير الميزانية إلى يومنا هذا (قارب أبريل على الانتصاف) هي مخالفة دستورية، وهي مسألة واضحة ومبينة في الدستور بشأن توقيت تقديم الميزانية للسلطة التشريعية.
لكن رغم ذلك، المسألة مازال يعتريها الغموض، إذ ما الذي سيفعله النواب بشأن الميزانية؟! وهل سيمررونها كما هي، أو سيناقشونها بشكل مستفيض وهنا سيدخلون في طور حالة تصب لصالح الحكومة، باعتبار أن نقاش النواب لها سيطول، ما يعني مزيداً من التأخير، ما يعني مزيداً من تعطيل المشروعات، ما يعني في النهاية إلقاء اللائمة على النواب بأنهم سبب في تعطيل حراك الدولة، مع إغفال متوقع لتوقيت تقديم الموازنة.
كمواطنين يهمنا بأن تمرر الميزانية بسرعة، لكن ليس بأسلوب «سلق البيض»، وأن تتضمن ما يحقق للناس تطلعاتهم بشأن المشاريع الخدمية وبشأن تحسين مستوى الدخل. لكن الخوف والقلق يتوجب أن يعترينا بسبب مسألة أخرى لا يجب أن تفصل عن مناقشة الميزانية، وتتمثل بالدين العام وطلب وزارة المالية برفع سقف الاقتراض ليصل مجموع الدين العام إلى سبعة مليارات دينار، وهو سقف خطير جداً بالنسبة للبحرين.
فقط أتساءل إن كنا فكرنا كدولة في طريقة أخرى لتسيير الأمور بدون اللجوء إلى الاقتراض، خاصة وأن الحكومة أخطرت مختلف القطاعات بتطبيق خفض النفقات بنسبة 15%، ما يعني أن المصروفات يفترض أن تقل، لكن عملية الاقتراض يعني وجود تضخم في النفقات ما يعني صعوبة مواءمتها مع الموازنة المرصودة ما يضطر للاقتراض.
لا أريد القول بأننا كالتائه في متاهة لا طريق خروج منها، لكن ما نستوعبه بأن اللجوء إلى الاقتراض يتم تصويره على أنه الحل الوحيد، لكن من الصعوبة تقبل فكرة أن لأي مشكلة حلاً واحداً فقط معه لا توجد حلول أخرى.
لذلك نقول بأن الاقتراض قد يكون حلاً وقتياً، تعقبه تداعيات أخرى مكلفة كما هو واضح من المؤشرات والاستقراءات المسبقة، لكن أن نعدم حلولاً أخرى، فهذه مسألة صعبة الإقناع.
بالتأكيد هناك حلول، ولربما بعضها صعب ويحتاج لوقت حتى يتحقق، لكن من أجل البلد ومصير أهله ومستقبلهم لابد من المحاولة، وبدل المرة ألف مرة. قد تمرر الموازنة بشكلها الذي يتم تقديمه، وقد تتعطل في مناقشات النواب لفترة، وقد تتجمد مشاريع أو تتعطل، لكن كل هذا في جهة، ومسألة الاقتراض الذي يتم تصويره على أنه ضرورة لازمة في جهة أخرى.
رأيي الشخصي المتواضع وقد أكون مخطئاً، بأنه ينبغي التريث قبل أي نوع من القبول بالاقتراض المطلوب من قبل وزارة المالية، والتريث هنا لأجل مطالبة الجهة المعنية الممثلة بوزارة المالية بحلول بديلة عن هذا الحل، حتى وإن كانت تتعلق بخفض النفقات بشكل أكبر فيما يتعلق ببعض القطاعات.
نحن ندفع اليوم ثمن تراكمات لأخطاء سابقة، وثمن سياسات لم تأخذ بجدية وقعها وتداعياتها مستقبلاً، بالتالي التحدي عبر تقليل الضرر واحتوائه، لا عبر زيادة «الفتق» وتعميق الحفرة.