لعلها المرة الأولى التي يبدو فيها وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، المعروف بهدوئه ودبلوماسيته متحدثاً بانفعال، فقد قال خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعه مع نظيره اليمني رياض ياسين في أبو ظبي أخيراً بنبرة لا تخلو من حزن وأسف؛ إن التدخلات الإيرانية لا تقتصر على اليمن وإن هناك سياسة إيرانية ممنهجة منذ سنوات لتصدير الثورة، وقال إن على إيران وقف مساندتها للحوثيين.
الشيخ عبدالله بن زايد قال "إننا نرى النشاط الإيراني في اليمن ولبنان وسوريا والعراق وأفغانستان وباكستان وفي دول عديدة، وإن هناك عمل إيراني ممنهج لسنوات يرمي إلى تصدير الثورة، وإننا كلما حاولنا التقرب إلى إيران كلما رأيناها تسعى لتعيث في المنطقة فساداً، وأننا نتطلع إلى أن تكون لنا علاقة طبيعية نموذجية معها، لكنها للأسف لا تترك لشركائها في المنطقة هذا الأمل".
الشيخ عبدالله قال إن عاصفة الحزم أطلقت بعدما رفض الحوثيون والرئيس السابق علي عبدالله صالح الحل السلمي، وأنها جاءت لدعم الشرعية ولا أحد يستطيع التشكيك في قانونيتها، وأكد أن ميليشيات الحوثي تتبع أجندة سياسية خارجية ولا تدين بالولاء لليمن، وأن إرهابهم وراء تردي الأوضاع الإنسانية هناك.
في المؤتمر نفسه أكد وزير الخارجية اليمن رياض ياسين أن إيران تحاول من فترة فرض نفسها في اليمن، وأنها سبق أن أرسلت أسلحة وجواسيس، وأكد أن عدداً كبيراً من الحوثيين دربهم الحرس الثوري الإيراني، وأن قوات من هذا الحرس متواجدة بالفعل على الأراضي اليمنية.
تصريحات مهمة لوزيري خارجية الإمارات واليمن أكدت الدور الإيراني العدواني في المنطقة، وأن إيران تقف وراء كل هذا الذي يحدث في اليمن وفي غير اليمن، عزز تلك التصريحات تصريح لوزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري قال فيه إن بلاده على علم تام بالدعم الذي تقدمه إيران للحوثيين، وأوضح أن الولايات المتحدة ستقدم الدعم لأي بلد في الشرق الأوسط يتعرض لتهديد مصدره إيران، وأن الإدارة الأمريكية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي محاولة لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
اتهامات واضحة ومباشرة وجهها وزراء خارجية ثلاث دول؛ إحداها تعاني من عبث إيران والحوثيين، والأخرى تعاني من احتلال إيران لثلاث من جزرها، والثالثة تعلم تمام العلم بتحركات إيران ونواياها. كل هذه التصريحات تؤكد تورط إيران في اليمن بدعمها للحوثيين، ولا تتردد إيران نفسها عن تأكيد هذه الحقيقة برفضها العمليات العسكرية ضد المسلحين الحوثيين في اليمن وقولها إنها "خطأ استراتيجي" سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في اليمن والمنطقة، وبسعيها الحثيث وبذل كل الجهود الممكنة للوصول إلى حل سياسي يفضي إلى وقف الصراع في هذا البلد.
اليوم لا يمكن لإيران أن تخفي مسألة قيامها بتدريب المسلحين الحوثيين ودعمهم بالمال والذخيرة وكل الخبرات التي يحتاجونها، واليوم لا قيمة للنفي الإيراني ببراءتها من دم اليمن؛ لأن العالم كله رأى ويرى كيف كان تدخلها ولا يزال في هذا البلد العربي الذي كان بإمكانه أن يحل مشكلاته بنفسه ولم يكن لتلك المشكلات أن تتعقد لولا التدخل الإيراني.
مشكلة إيران أنها تعتقد أن الآخرين لا يرونها، والواضح أنها تعتقد أنها تفعل كل ذلك وهي تلبس طاقية الإخفاء، لذا لا يتردد مسؤولوها عن إبداء استغرابهم ودهشتهم من هكذا اتهامات، رغم أن الجميع يجمع عليها ويؤكدها.
مهم جداً قول الشيخ عبدالله بن زايد إن دول المنطقة ظلت ترصد تحركات إيران في اليمن وسوريا ولبنان والعراق وباكستان وأفغانسان وتراقب عملها الممنهج وسعيها إلى تصدير الثورة، تماماً مثلما هو مهم تأكيد جون كيري علم بلاده بذلك.