هنا مثال عن المستوى الذي وصلت إليه «المعارضة» لتبشر بنهايتها؛ صورة لثلاثة أطفال يقفون في حي بإحدى القرى على الأرض كتبت شعارات ضد سباق الفورمولا. أما التعليق الذي نشر مع الصورة التي تم تبادلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين واعتبرتها المواقع الألكترونية التابعة من الصور المميزة فكان مثيراً ومضحكاً، حيث كتبوا.. «صورة معبرة لأطفال البحرين في بلدة مقابة رفضاً لسباق الفورمولا». السبب وراء وصف التعليق بأنه مثير ومضحك هو أن الأطفال الثلاثة ليس فقط لا يعرفون معنى الفورمولا، ولكنهم في الغالب لا يزالون دون أن يمتلكوا المهارات التي تغنيهم عن الاستعانة بأمهاتهم في أمور الطهارة، عدا أنه ليس معقولاً أن يكون هؤلاء الثلاثة هم «أطفال البحرين»!
الصورة التي يبدو فيها الأطفال وكأنهم استجابوا لدعوة شخص يحمل كاميرا ويقول لهم قفوا لأصوركم، هذه الصورة تؤكد إفلاس «المعارضة» وقلة حيلتها، خصوصاً بعدما تأكدت من حالة الملل التي أوصلت من استجاب لها إليها، فالمتابع للمظاهرات التي يتم نشر أخبارها يلاحظ أن أعداد المشاركين فيها يتناقصون بشكل لافت، وأن أكثرهم من صغار السن الذين لا يعرفون غالبا لماذا يشاركون في تلك المظاهرات، ويتبعهم بعض النسوة ليقال إن «نساء البحرين» خرجن في المظاهرة!
حان الوقت كي تعلن هذه «المعارضة» عن إفلاسها وهزيمتها، فبعد أربع سنوات من رفع الشعارات الفارغة؛ لم يجد من استجاب لها منها سوى ما صاروا فيه من أحوال لا تسرهم وجعلتهم ينظرون إلى مستقبلهم بأسى. ما حصل في السنوات الأربع الأخيرة هو أن هذه المجموعة خربت حياة الكثيرين ولم تتمكن من الظفر بأي شيء، والسبب هو أنها قرأت المعطيات بشكل خاطئ وبنت على ذلك أحلامها فورطت الجميع، والسبب أيضا هو أنها دفعت من لا يدرك ما يدور من حوله إلى الوقوف، كما أولئك الأطفال الذين استجابوا للكاميرا من دون أن يعرفوا شيئاً عما يراد منهم، ورفع الصوت عالياً والمطالبة بأمور هي في الأساس متوفرة.
بسبب علم تلك المجموعة بحالة الملل التي صار فيها من تجاوب معها لبعض الوقت لجأت إلى الإكثار من الفعاليات بغية التقاط الصور ونشرها كي يتم إقناع العالم بأن الحراك لم يتوقف. هذه المجموعة لم تنتبه إلى أن العالم اليوم مشغول بما يجري في اليمن بشكل خاص وفي العراق وسوريا، وأنه توصل إلى قناعة ملخصها أنه لا قضية لدى هؤلاء الذين يخرجون في مظاهرات في البحرين، وأن ما يقومون به يدخل في باب الترف، ذلك أنه حتى المطالب التي ينادون بها لا يأتي منها أي ضرر لو لم تتحقق، فهي مطالب مترفة ومترفين ويمكن حل كل المشكلات التي يتحدثون عنها في جلسة مع الحاكم الذي يرى العالم كيف أنه لا يقف ضد الإصلاح، بل على العكس أتى بمشروع أطلق عليه اسم المشروع الإصلاحي، أي أن الحاكم يعرف أن هناك من الأمور ما تحتاج إلى إصلاح وإلا لما رفع مثل هذا الشعار.
التطورات التي يشهدها اليمن وما يناله الحوثيون اليوم من ضربات بسبب مبالغتهم في حراكهم؛ أقنعت الكثيرين ممن تأثروا بما ظلت تطرحه «المعارضة» هنا بأنهم يسيرون في الاتجاه الخطأ، وأنه لا يمكن لمجموعة فرض رأيها على الجميع مهما كانت الشعارات التي ترفعها، ولهذا توقفوا عن المشاركة في الفعاليات التي يتم الإعلان عنها لتأتي الصور وتشهد على صحة هذا الكلام.
منذ بدء عاصفة الحزم، بشكل خاص، لوحظ أن صور الفعاليات المعارضة «خالية من السكان»، وليس اللجوء إلى تصوير أطفال لا يعرفون شيئا عن الفورمولا واعتبارهم معارضين إلا دليلاً على إفلاس «المعارضة» وبداية نهايتها.