شاهدت فيلماً للممثل الحاصل على الأوسكار «دينزل واشنطن» يدعى The Graet Debaters أي المجادليـــن العظماء، يحكي قصة فوز فريق إحدى الجامعات الأمريكية بمسابقة تجرى على مستوى الولايات الأمريكية تدعى «سباق المناظرات»، وحين انتهى الفيلم قلت في نفسي ما أحوجنا إلى مثل هذا النوع من المسابقات في البحرين، وها هو الشيخ ناصر يعلن إقامة هذه المسابقة في البحرين، وهذه خطوة تستحق الإشادة فعلاً وتعد جيلاً قيادياً نحتاجه للدفاع عن قضايانا الوطنية على المستوى المحلي والمستوى الدولي فليس بالمنافسات الرياضية فقط نحفز الطاقات الشبابية، بل هناك رياضات عقلية يتنافس فيها المتنافسون وهذه منها.
هي مسابقة غير عادية مسابقة يفوز فيها الفريق الأكثر قوة في الحجة والمنطق والدليل وغزارة المعلومات والفصاحة وسرعة البديهة، يفوز فيها الفريق الذي يعمل بتماسك وباستماتة لتزويد أعضاء فريقه بالمصادر والمعلومات والإحصائيات والمقارنات، وتنتهي المسابقات هذه بإعداد متحدثين رسميين ومفكرين وباحثين يتمتعون بطلاقة اللسان وقوة الحجة.
الفريق يتدرب بتقسيمه إلى قسمين يعطيهم المدرب فكرة للنقاش هو يختارها وبالقرعة يحدد من هو القسم الذي سيكون ضد الفكرة ومن هو النصف المؤيد لها، الجميل في الموضوع أنك لا تعرف موضوع النقاش، ولم تكوّن رأياً حوله ومع ذلك أنت ملزم بإقناع خصمك بالموافقة إن وقعت عليك القرعة بأنك من المؤيدين له، بمعنى أنك تتدرب على عملية البحث والتقصي لتلم بموضوع الجدل ومن ثم تتعلم كيفية الدفاع عن موقفك بجمع كل الآراء حول هذا الموقف وتتعلم كيف تجمع كل ما قيل ضد أو مع هذه الفكرة إن كانت موضوعاً معاصراً أو تاريخياً، ثم تدرس أين هي نقاط ضعف الفريق المنافس وتتعلم كيف تتصدى لها وتفندها.
ما أحوج شبابنا أن يتعلموا كيف يقفون ويتحدثون ويدافعون عن مواقفهم وكيف يواجهون الجمهور وكيف يتصدون للكذب بالحقائق وكيف يقدمون المعلومة وكيف يتحلون بالثبات والهدوء أثناء النقاش فلا يستفزون ولا يستثارون، كيف يكون الرأي مبنياً على قوة الحجة لا على الصراخ والتهويل والخطاب الإقصائي.
إقامة هذه المسابقة في البحرين على مستوى العالم العربي فكرة ممتازة نتمنى أن يتم الترويج لها في البحرين أكثر للأعوام القادمة فلا يصل الفريق الذي يمثل البحرين إلا بعد تصفيات ومسابقات محلية بين الجامعات البحرينية.
ملاحظة أخيرة
هذا النوع من المسابقات فرصة جيدة لاقتناص الكفاءات واكتشافها وتوظيفها لخدمة الأهداف الوطنية، فحين أصبنا في مقتل عام 2011 اكتشفنا أن شبابنا يفتقر مهارات «الجدل» واكتشفنا أنه حتى على مستوى كبار المسؤولين لا نملك «Graet Debaters».