أمس الأول كان انتصاراً جديداً للعرب وتحالفهم الذي تقوده الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية في إطار عملية «عاصفة الحزم» لإنقاذ اليمن الشقيق من براثن عصابة الحوثي العملية لإيران، وذلك عبر التصويت بالأغلبية في مجلس الأمن على تأييد القرار الذي اتخذ من قبل قوات التحالف العربي.
روسيا الوحيدة التي لم تصوت مؤيدة، لكنها لم تصوت رافضة، ووقفت على الحياد، ما يعني أيضاً بأن هناك توجساً لدى قوى عالمية كبرى من مواجهة ولو دبلوماسية مع العرب الذين توحدوا.
إجماع مجلس الأمن على تأييد عاصفة الحزم يأتي بعد 19 يوماً من بدئها، وهو تأييد تحت مظلة المنظمة الدولية الأممية، ما يعني إضفاء الغطاء الشرعي الدولي على العملية، وجعل إيران وعملائها الحوثيين وسط طوق يضيق بشكل واضح بشأن العملية الاحتلالية في اليمن. وهو فعل كان ينبغي حصوله مبكراً، لكن رغم حدوثه وحتى عدمه فإنه لم يكن يثني عزم القوة العربية الموحدة من بدء عملياتها وفق قرار صارم اتخذته. قلناها سابقاً ونكرر، بأن العرب حينما يتوحدون على كلمة رجل واحد فإن أعتى القوى العالمية ستحسب لهم ألف حساب، ومن كان يمضي في اتجاه معين سيتوجب عليه التوقف ومراجعة حساباته والتوجس من إثارة غضب الأشقاء المتوحدين.
لكنه سؤال يطرح نفسه هنا ويستحق الوقوف عنده؛ إذ هل كان مثل هذا التأييد الأممي الكبير والمطلق ليصدر لو أن القوات العربية المتحالفة بقيادة السعودية لم تبدأ فعلياً عمليات عاصفة الحزم؟!
نجيب بقناعة تامة بأن كان من الصعوبة صدوره، بل لربما دخلت العملية متاهة مماطلة تحت مسمى الدبلوماسية، ولفتحت الباب على من يريد «التمصلح» من الوضع المتأزم في اليمن، والمقلق لشبه الجزيرة العربية ليفكر جدياً في كيفية الاستثمار من وراء هذا الوضع.
اتخذ العرب قرارهم، وبدأوا عمليتهم لإنقاذ اليمن وإعادتها إلى شرعيتها التي سلبت من قبل عناصر عميلة للنظام الإيراني، ولم ينتظروا ضوءاً أخضر لا من الأمم المتحدة ولا مباركة أمريكية ولا فلسفة فرنسية أو ملاحظات بريطانية ولم يكترثوا لصراخ الروس، بل انطلقوا مما تمليه عليهم مواثيقهم العربية وبالاستناد حتى على الأعراف الدولية المتعارف عليها دون الحاجة لإصدار ما يقرر تفعيلها، ولو أنهم تأخروا لربما تعقدت الأمور في اليمن، ولربما بدأت إيران إقامة حكم تابع لها، بعد أن استغلت الوضع لتفتح الخطوط الجوية مباشرة مع الحوثيين.
ما حصل هو درس يستفاد منه، قوة العرب تكمن في وحدتهم ووحدة مواقفهم، وحينما بدأت العمليات لم تجد إزاءها الولايات المتحدة الأمريكية إلا إعلان التأييد الفوري دون تردد، فمن يقامر حينها بفتح جبهة مواجهة مع دول الخليج والدول العربية وبقيادة السعودية ويتخذ اليمن كرتاً للمساومة.
والله نرى ما يحصل ونقول ليت هذه العاصفة حصلت منذ بدأ الجزار الدموي المغموس بالولاء الإيراني بشار الأسد جرائمه البشعة في حق الشعب السوري البريء، ليتها حصلت قبل أن تحط أقدام العناصر الإيرانية العميلة لحزب الله الإيراني أرض سوريا، وليتها حصلت قبل أن تترك المسألة لمساومات الدبلوماسية الغربية ولتصريحات الأمم المتحدة التي أقرت بخجلها الشديد لعدم تمكنها من إنقاذ سوريا.
عاصفة الحسم درس صريح يجب أن يكون له امتداد مستقبلي لأجيال متعاقبة، لا يجب أن تكون حادثة تسجلها كتب التاريخ في المستقبل، ونستذكرها بأنه في يوم من الأيام توحد العرب وجعلوا الغرب يرتجف، وجعلوا الطامع الإيراني يتقهقر ويقطعون بذلك سرطاناً خبيثاً أريد به التغلغل في جنوب الجزيرة العربية.
ليتنا بدأنا عواصف الحزم منذ زمن، والله لكان لدى الغرب حسابات معقدة، ولسد الباب على نشوء وبروز جماعات إرهابية متطرفة كحزب الله والقاعدة وداعش، وفوق ذلك كله لعرفنا العالم بحجم إيران الحقيقي وقطعنا عليها التغلغل داخل دول المنطقة عبر طوابير خامسة وأذرع عميلة.