كلما حققت عاصفة الحزم التي دخلت أسبوعها الثالث تقدماً في مهمتها وأحرزت نجاحاً كلما توترت أعصاب إيران وصارت تتصرف بطريقة لا تليق بدولة تدعي أنها لا تتدخل في شؤون اليمن أو غيره من الدول. المتابع لتصريحات المسؤولين الإيرانيين والفضائيات الإيرانية وتوابعها هذه الأيام يستنتج أن الضربات التي تتلقاها إيران على وجه الحوثيين في اليمن مؤلمة وناسفة لكل خططها وطموحاتها في المنطقة، فالتصريحات تتسم بالعصبية، والمواقف تؤكد انفلات الأعصاب، وإلا هل يعقل أن تقرر دولة مسلمة وقف سفر مواطنيها المسلمين من الراغبين في أداء العمرة بسبب مشكلة صغيرة تقول إنها حدثت لاثنين من مواطنيها في مطار جدة، وإنها لن تتراجع عن هذا القرار إلا بعد أن يتم معاقبة من تقول إنهما كانا سبب الأذى لمواطنيها؟ وهل يعقل أن تشن الفضائيات الإيرانية وتلك التي تأتمر بأمرها في لبنان والعراق وبريطانيا وغيرها من الدول مثل هذه الحملة على الدول المشاركة في عاصفة الحزم، وعلى الخصوص المملكة العربية السعودية، وتصل إلى حد القول إن «واشنطن أوقعت الرياض في فخ اليمن» وإن ما يجري هو «عدوان سعودي»؟
أعصاب إيران متوترة هذه الأيام بسبب نجاح عاصفة الحزم وتمكنها من تضييق الخناق على الحوثيين وحصرها في زاوية لا تمكنها إلا من رؤية ما يحدث لمن حاولت تبنيهم ودعمتهم بسخاء، فلا تستطيع أن تمد لهم يد المساعدة ولا تملك إلا أن تنتظر حتى ينجلي غبار المعركة لتحصي خسائرها.
ما حققته عاصفة الحزم من نجاح في الأيام الماضية أغضب إيران وقلل من قدراتها على اتخاذ القرارات السليمة، لذلك فإنها تبدو كمن تخبطها الشيطان من المس، وهي بالتأكيد لا تلام، كيف تلام على تصرفاتها غير الموزونة وهي ترى كل ما خططت له وسعت إلى بنائه ينهدم أمام ناظريها ويذهب هباء منثوراً؟ كيف تلام وهي ترى الأموال التي صرفتها على الحوثيين كي يستولوا بالنيابة عنها على اليمن وهي تحترق أمام عينيها ولا تستطيع فعل شيء؟ كيف تلام وهي تتلقى الضربة تلو الضربة ولا تملك سوى السب والشتم لتدافع بهما عن نفسها؟
مثير أن دولة مثل إيران لم تتوقع ردة فعل دول التعاون على ما تقوم به من مؤامرات في اليمن وما يرونه من دعم لا محدود منها للحوثيين، هذا البلد العربي الذي لا يمكن للعرب أن يتركوه لقمة سائغة للإيرانيين، ومثير أكثر أنها تبدو غير قادرة حتى على الدفاع عن نفسها رغم كل محاولاتها السابقة لتخويف دول المنطقة بتلك المناورات التي لم تتوقف حتى قبل أيام من عاصفة الحزم، وبتلك الإعلانات عن إنتاج أسلحة متطورة يصل مداها إلى إسرائيل.
بالتأكيد فوجئت إيران بموقف العرب الذين تعودوا على ألا يتحدوا، فاتحدوا ضدها وضد خططها الآثمة، لكنها بالتأكيد أيضاً أخطأت في أنها لم تتوقع أن يكون لدول التعاون بشكل خاص موقف من هذا الذي تمارسه في اليمن الذي يعتبر جزءاً من مجلس التعاون.
إيران بالغت في دعمها للحوثيين وفضحت نفسها بذلك الدعم اللامحدود لهم، لذلك كان من الطبيعي أن تتحرك دول التعاون وتفعل شيئاً ينقذ اليمن من براثن إيران التي إن تمكنت من اليمن أكلت أخضر الخليج ويابسه وسيطرت على كل المنطقة وصولاً إلى فرض شروطها على الولايات المتحدة والغرب.
أحلام إيران التي تكسرت على شاطئ عاصفة الحزم ناتجها الطبيعي أن تفقد أعصابها وتتخبط في قراراتها ومواقفها، فلا تتردد حتى عن حرمان مواطنيها من أداء مناسك العمرة وتوقف رحلات طيرانها بسبب مشكلة يمكن أن تحدث في أي مكان وفي أي زمان. ولأن نجاحات عاصفة الحزم مستمرة؛ لذلك فإن انفلات أعصاب إيران سيستمر.