لفتتني الأسبوع الماضي الإعلانات الموزعة في أرجاء المملكة "عن التأشيرات المتعددة الدخول" وبحكم أنني كنت أسوق وقتها فلم أتمكن من قراءة الإعلان بصيغته الفعلية، فقد ذهب بي الفكر أنه الآن فقد أصبحت الفرصة مماثلة عند حصولنا لـ"فيزا شينغن" الأوروبية، وأن تأشيرة الدخول هذه سوف تسمح لحاملها من التنقل بين دول مجلس التعاون الخليجي إلى حد انتهاء الفترة الزمنية للتأشيرة.
فكان هذا الإعلان كفيلاً بأن يرجعني بالذاكرة إلى أواسط العام 2011، عندما عاشت الشعوب الأبية لدول المنطقة فرحة عامرة بسماعهم خبر إنشاء "كونفدرالية" تجمع بها دول مجلس التعاون الراغبة بذلك بالإضافة إلى بعض من دول بلاد الشام والمغرب العربي، خاصة عندما لمسوا القيمة الحقيقية لقوات "درع الجزيرة".
أنا لن أدخل بالتفاصيل والتحليلات التي منعت هذا الحلم من أن يتحول إلى واقع، على غرار إنشاء الاتحاد الأوروبي في عام 1992. ولكن لننظر نظرة إيجابية عن الامتيازات والدعامات المتأصلة لهذا "الاتحاد العربي" في حال أنه حصل أو سيحصل، بالرغم من حالات الفوضى الإرهابية والتشتيت الفكري الذي تعيشه البلاد في الآونة الأخيرة.
إن الاتحاد الأوروبي نشأ من 6 دول: ألمانيا، إيطاليا بلجيكا، فرنسا، لوكسمبورغ وهولندا. بواقع أربع لغات كل لغة لها استقلاليتها وتفردها التام عن الأخرى وهم الألمانية والإيطالية والفرنسية والهولندية. فلم يقتصر الأمر على تنوع اللغة التي ممكن أن تكون سبباً لإنشاء حروب فكرية لا تعد ولا تحصى يحاول الاتحاد إخفاءها، وإنما أيضاً على تنوع الثقافات والديانات والدعائم الاقتصادية لكل بلد.
وهذا تماماً مناقض لوضع الاتحاد العربي، فاللسان العربي جامعهم، والديانة الإسلامية عقيدتهم، وانسيابية ممارسة الديانات الأخرى لتابعيها، عدا عن مبادئ التكافل الاجتماعي والمنحدرة أساساً من المبدأ الإسلامي، حيث إن القوي لابد أن يمد يده للضعيف سواء على المستوى الفردي أو الدولي، السياسي أو الاقتصادي ولم نعهد أنه يوماً سمعنا بالحرب العنصرية أو التفرقة العرقية.
وإن كان الاتحاد الأوروبي ساهم بفض النزاعات القائمة بين معظم الدول المنتسبة له والتي أصبح عددها 28 دولة على نقيض الدول العربية حيث التفاهم والود موجود بالرغم من اختلاف وجهات النظر غير أنه لا وجود لدولة تحاول أن تفرد نفوذها لكي تلغي الدولة الأخرى.
فبلا أدني شك إن إنشاء "الاتحاد العربي" سوف يحض من نظر المغرضين الذين يسعون بكل الأساليب الهدامة من تجزئة الوطن العربي إلى دويلات صغيرة تريد أن تحكمها زمرة لاإنسانية تقودها مجموعة بعقيدة إرهابية. العصبية نهجها، والدم مبدؤها، والقبلية مرجعها.
فهذه وجهة نظري المتواضعة بشأن الاتحاد العربي والذي أجد فيه كامل مقومات التجانس لنعيد ونردد جميعاً: "وطني حبيبي وطني الأكبر يوم ورا يوم أمجاده بتكبر في انتصاراته مليا حياته وطني...  وطني".