كل من شاهد حلقة يوم الثلاثاء الفائت من برنامج "المشهد البحريني" الذي تبثه فضائية "العالم" الإيرانية الممولة من الحكومة الإيرانية والمخصص للإساءة إلى البحرين قيادة وحكومة وشعباً؛ لا بد أنه تساءل عما إذا كان ما قاله أحد "ضيوفها" عن الزميلة نجاة المضحكي في معرض انتقاده لمقال لها يجد القبول من "المعارضة"، فما تفوه به ذلك "الضيف البحريني" الذي تحدث من الخارج لا يليق بها وينبغي أن ترد عليه لأنه محسوب عليها، وأوصل رسالة سلبية إلى كل العالم مفادها أن هذا الذي يرونه هو مستوى "المعارضة" في البحرين وأن كل الشعارات التي ترفعها تستحق من يضحك عليها.
انتقاد هذا البرنامج أو غيره، أو هذه الفضائية أو غيرها لمقال الزميلة أو غيرها أمر مباح وهو حق للجميع، فطالما أن هذه المادة خرجت من الكاتب ووصلت إلى الناس لذا صار من حق الناس أن ينتقدوها. ينتقدوا المادة، المقال، وليس شخص الكاتب.
ما حدث في تلك الحلقة هو أن "المعارض البحريني" ترك انتقاد المقال وذهب إلى الإساءة إلى شخص الكاتبة حيث سخر من اسمها، وهذا لا يليق، لأن أحداً لا يقبل من أي كان أن يسخر من أسماء الآخرين بما فيهم المنتمون إلى "المعارضة"، ذلك أنه ليس من الذوق ولا الأخلاق أن ينحو أحد هذا المنحى.
إن ما تفوه به ذلك "المعارض" الذي يرفع شعار الدفاع عن حقوق الإنسان يمكن تصنيفه في باب قلة الذوق، وهو يتناقض مع الشعارات التي يرفعها وترفعها "المعارضة" التي بين أعضائها من يسهل على الآخرين -لو انحدروا إلى هذا المستوى- أن يسخروا من أسمائهم ومن سلوكياتهم.
ما حدث في تلك الحلقة وصمة عار في جبين "المعارضة" وسقطة، تجر وراءها ألف سؤال وسؤال عن مستواها وعن جديتها وعن أخلاقها، فليس من الأخلاق ذكر الآخرين بسوء أو السخرية من أسمائهم، وليس من الأخلاق أن يكون ردة فعل مقدمة البرنامج المتحمسة لـ "المعارضة" بطريقة غريبة مجرد ابتسامة وكأنها توافقه على ما قال بل تشجعه، فقد كان الأجدر بها أن توقفه عند حده وتمنعه من التفوه بمثل هذا الكلام وأن تقول له إن هذا يدخل في باب العيب ولا يليق بمن يعتبر نفسه معارضة، فللمعارضة في كل دول العالم قضية، ولا يمكن أن تكون قضية معارضة تحترم نفسها اسم كاتب أو لقبه.
أما الأكيد فهو أن ذلك "المعارض" سيعتبر ما قاله أمراً عادياً لا يستحق أن يثار، والأكيد أيضاً أن "المعارضة" ستعتبر ما قاله كذلك أمراً عادياً، وستقول ببساطة إنه لم يكن يقصد الإساءة وإن نيته كانت سليمة، وإنه طالما أن الأعمال بالنيات لذا فإنه لم يخطئ! وأما الفضائية نفسها فستعتبر إثارة الموضوع تجاوزاً وقلة ذوق وليس ما قاله ضيفها وما سكتت عنه مقدمة برنامجها.
هذا مستوى دوني ينبغي من "المعارضة" أن ترفضه، وسكوتها عنه يدخل في باب ممارسة دور الشيطان الأخرس، لأنها بذلك تبتعد عن الحق الذي ترفع شعاره وتبتعد عن الأخلاق التي يفترض أن تتمسك بها وأن يكون عنوانها وبابها.
ليست هذه الواقعة الوحيدة من نوعها التي تتورط فيها "المعارضة"، وليس ذلك اليوم هو الأول في رزنامة الأيام التي يمارس فيها المنتمون إلى هذه "المعارضة" السب والشتم، وليست هذ الحلقة الوحيدة من ذلك البرنامح المخصص أصلاً للسب والشتم وتحريض "الضيوف" على الإساءة إلى "وطنهم وأهلهم" التي يتم فيها التعبير عن مطالب "المعارضة" بهذا المستوى المتدني.
لا تفسير لوقوع "المعارضة" في مثل هذه الأخطاء سوى أن الصفعات التي نالتها أخيراً أكبر من قوة احتمالها.