تابعت شخصياً رياضة الفورمولا واحد منذ أواخر الثمانينات، وتابعت خلالها تطورها المذهل وكيف كان الصراع على تطوير التقنيات خارج المضمار كان الأساس في إشعال الصراع عليه، عايشنا مصرع الأسطورة البرازيلية إيرتون سينا عند منعطف تمبرليو في سان مارينو عام 1994، ورأينا كيف صنعت أسطورة الشيطان الأحمر الألماني مايكل شوماخر، لكن لم نتخيل يوماً أننا سنعيش هذا الواقع على البحرين.
حلبة البحرين الدولية أنشئت في عام 2004، واليوم ونحن نعيش أيام سباق الفورمولا واحد لدينا في المملكة، يدخل سباقنا العام الحادي عشر، ومعه ـ كالعادة- تتركز أنظار العالم من محبي رياضة السيارات على بلادنا الصغيرة، بواقع أكثر من 500 مليون متابع يشاهدون السباق حول العالم.
سباق بهذا الحجم له من الإيجابيات الكثير، ورغم وجود بعض الملاحظات المبررة بشأن بعض جوانبه يطرحها تارة الشارع البحريني وتارة النواب، إلا أن الفكرة الأساس هنا، بأن مثل هذه الفعاليات العالمية التي تسلط الضوء على البحرين، وتبرزها كبلد متطور متحضر يواكب المتغيرات العالمية على مختلف الأصعدة بل ينافس في الاستقطاب والتنظيم، هي المسألة الأهم.
بناء السمعة مسألة يغفل عنها الكثيرون، ولربما يتناسونها، وهذا ما يطرح السؤال بشأن كثير من دول العالم ومنها القريبة منا كمثال على الشقيقة قطر التي ستستضيف كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، لماذا استقطاب الأحداث العالمية وتنظيمها؟!
اليوم البحرين اكتسبت خبرة في تنظيم مثل هذه الفعاليات، هناك أحداث دولية مختلفة تجد لها موقعاً على أرض بلادنا، وكلها شواهد وإثباتات على أننا في دولة ناهضة، تنعم بأسس قوية للبناء والتطوير، وليست بلاداً تعصف بها الفوضى والصراعات بحيث لا تملك مقومات الدولة المنضبطة بمؤسساتها وحراكها وحتى شعبها.
كمواطن بحريني أحب تراب هذا البلد، حدث مثل الفورمولا واحد يجعلني أفتخر بأن بلادي أصبحت قبلة رياضية لمحبي هذه النوعية من الرياضة، وهذه السباقات التي تعتبر ثالث أكبر حدث رياضي عالمي بعد كأس العالم والألعاب الأولمبية من حيث المتابعة والاهتمام.
يهمني جداً أن يكون اسم بلادي ناصعاً رناناً، يذكره العالم بالخير، ويذكرنا بكل الصفات الطيبة من يزورنا ويرى الواقع على حقيقته ويرى حياتنا على سجيتها، ويرى المواطن البحريني الطيب المضياف الخلوق على أرض الواقع.
أحياناً المكاسب المادية ليست هدفاً بحد ذاته، بل بناء السمعة وتعزيز مكانتك على الخارطة الدولية، وتقديم نفسك على حقيقتها للناس الذين قد يكونون يجهلون من تكون، وكيف هي تفاصيلك الدقيقة التي قد يغفلها الإعلام العالمي، وقد يشوه صورتها من يريد التشويه.
صباح أمس في مجمع «السيتي سنتر»، وأنا أقوم بعملية شراء سريعة لغرض معين لتقديمه هدية لأحب وأقرب الناس على قلبي في ذكرى ميلادها، لم أملك إلا الوقوف لدقائق متأملاً منصة بيع التذاكر التابعة لحلبة البحرين الدولية، ورؤية الطابور الطويل الذي كونه الناس لشراء التذاكر في أول يوم لانطلاقة فعاليات سباق جائرة طيران الخليج للفورمولا واحد في البحرين، طابور مختلط بين الأجناس والأعراق، منهم بحرينيون وأشقاء لنا في الخليج وأجانب وأشكال وألوان. مثل هذا المنظر ألا يبعث في نفسي فخراً واعتزازاً ببلدي، وأنا من ضمن مئات من الآلاف الذين لو طلبت منهم بلادهم التضحية بأنفسهم لأجلها ولصونها لما ترددنا لحظة؟!
فرح البحرين هو فرحنا نحن أهلها، وتألقها بالإنجـــازات، وحصدهـــا إشـــادات العالـــــم وانطباعاتهم الجميلة، هي شهادة يعتز بها كل بحريني.
تتألق سباقات الفورمولا واحد بوجودها على أرض البحرين الطيبة (وليس العكس)، اسم البحرين يلمع من جديد على مسمع ومرأى من العالم، والفضل بعد الله لكل الجهود المخلصة من قبل قيادتها وشعبها.
افرحي يا بلادي، فلأجلك أنت وحدك نفرح، ولأجلك أنت وحدك نبذل الغالي والنفيس، فماذا نملك أغلى من البحرين؟!