من المهم في مراحل الإرهاصات السياسية والعسكرية أن نفتح ملفاً مهماً ربما يعد من أهم الملفات الوطنية على الإطلاق، ألا وهو ملف الأمن الغذائي، إذاً؛ ما هو الأمن الغذائي؟
يعرف بعضهم مفهوم «الأمن الغذائي» على أنه «قدرة بلد ما على تلبية احتياجاته من الغذاء الأساسي من منتوجه الخاص أو استطاعته شراؤه من الخارج تحت أي ظرف من الظروف، ومهما كان ارتفاع أسعار الغذاء العالمية وقتها». كذلك يتحقق الأمن الغذائي «عندما يتمتع البشر كافة في جميع الأوقات بفرص الحصول، من الناحيتين المادية والاقتصادية، على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي حاجاتهم التغذوية وتناسب أذواقهم الغذائية كي يعيشوا حياة توفر لهم النشاط والصحة».
هذا الملف الحساس يعد من أهم الملفات التي يجب أن تكون حاضرة في وقت الرخاء، فكيف في وقت الأزمات والحروب، ويعد فتح ومناقشة هذا الملف مرهون بوعي المسؤولين في الدولة ومدى قراءتهم للواقع الحالي، فضلاً عن استشرافهم لقراءة المستقبل بعين الفاحص الخبير.
ربما نتفق مع النائب جمال بو حسن، حين أكد صدمته واندهاشه من غياب مسألة الأمن الغذائي واحتياطاته في البحرين، معرباً عن دهشته البالغة وانشغاله حين تأكد له أن البحرين لا تملك مخزوناً غذائياً للحالات الطارئة، وفي تعقيبه على رد وزير الأشغال والبلديات بشأن الأمن الغذائي يوم الثلاثاء الماضي في جلسة مجلس النواب، قال بوحسن «إن الأمن الغذائي من أهم ركائز الدول في الحالات الاعتيادية والطارئة، وهو أمر أساسي، والطعام أهم من الأمن والطاقة، فمن دونه تكثر الجريمة والفساد وتنتهي الحياة، وقد فجعت بإجابة الوزير على الرغم من أنها كافية حين اكتشفت عدم وجود أي مخزون أمني غذائي للبحرين، وحينها سنموت جوعاً عند أي أزمة».
وأشار بو حسن إلى أن الجهات الحكومية تتقاذف المسؤولية «حيث ذكر الوزير في رده أن الأمن الغذائي يقع ضمن مجموعة من الجهات، ونحن نحمل الحكومة المسؤولية في توفير الأمن الغذائي لمملكة البحرين، بل اللوم يقع على السلطتين التشريعية والتنفيذية، فلابد من إنشاء قانون لإسناد مهمة الأمن الغذائي لجهة واحدة، والحكومة مسؤولة عن توفير هذه الإمكانيات. لقد مررنا بأزمة 2011، وعانى المواطنون جراء شح الأغذية، وأنا أرى أنه يجب إنشاء هيئة متخصصة بتوفير الأمن الغذائي بمملكة البحرين».
الحكومة من جهتها ردت عبر وزيرها عصام خلف حين أكد أن هنالك تنسيقاً مع الجهات الأخرى كوزارة الصناعة والتجارة بخصوص الأمن الغذائي، وهناك مبادرات في الموضوع منها استثمار الأرض الموجودة بالسودان لمحاصيل زراعية استراتيجية تخدم البلد.
نحن اليوم لا نملك تفاصيل أكثر من هذه المعلومات الشحيحة حول مسألة الأمن الغذائي في البحرين، لكن نحن ومن باب المسؤولية، نفتح هذا الملف لنناقشه لفرط أهميته وحساسيتها في وقتنا الراهن، فهذا الأمر من أخطر الأمور التي يجب أن ينال حصة الأسد في مداولات السلطتين «التشريعية والتنفيذية»، فحين نكتشف «لا قدر الله» وقت حدوث أي طارىء في البحرين، بعدم توافر هذا الأمن الحساس والضروري، فإننا سنصدم بهذا الأمر، ولكن حينها لن ينفع الندم ولا العتب بعد وقوع الفأس في الرأس.
فهل سيرتفع صوت النواب والحكومة في ضبط هذا الملف ومعالجته بحزم وقوة؟ أم سنتركه يسير على البركة كبقية الملفات الوطنية الأخرى؟ هذا ما يجب أن يناقشه مجلس النواب في قادم الأيام.