لماذا تتشكل مؤسسات المجتمع المدني؟! ولماذا تحرص أن يكون لها تمثيل على الصعيد الدولي؟!هذه أسئلة أولية يجب الإجابة عليها حينما نريد دراسة حالة أي مؤسسة، ونريد أن نبحث عن ما وراء خطاباتها وتوجهاتها.في العرف والمبدأ، بأن إنشاء مثل هذه المؤسسات هدفه إنساني بدرجة أولى، أي باعتبار أن النواة الأولى للإنشاء تأتي بهدف خدمة الإنسان والدفاع عن قضاياه العادلة، وممارسة هذه العملية وفق أرقى عمليات التواصل وإبراز القضايا، والنتيجة المرجوة هي عملية إحقاق العدالة والإنصاف لكل البشر بغض النظر عن أشكالهم وألوانهم وانتماءاتهم.هذا هو الأصل كما بينا، لكن بمقارنته مع الواقع سنجد العجب العجاب، وسنجد التناقضات من كل حدب وصوب، وسنجد حتى أشنع صور التمييز والاصطفاف الواضح ينضح من هذه المؤسسات، بحيث تحولت بعضها التي تحمل مسمى مؤسسات حقوق الإنسان، إلى مؤسسات تدافع عن حقوق بعض البشر.عموماً، لو بحثتم في الأساس، فستجدون أن كل المؤسسات التي لها صيت وحراك على المستوى الدولي تعرف نفسها على أنها مؤسسات مستقلة استقلالية تامة لا تتبع أية أنظمة ولا دول، وهذه النقطة هامة جداً لأنها تتعلق بالتمويل، وهو أهم شيء في ضمان استمرارية أية مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني.للتوضيح فقط، فإن وضعية هذه المؤسسات تختلف عن المؤسسات المنشأة داخل الدول وبحسب أعرافها وأنظمتها، كمثال لدينا الجمعيات في البحرين والتي تحصل على تمويل من الدولة نفسها دعماً لأنشطتها ولضمان استمراريتها، لكن كثيراً من المؤسسات الدولية تشدد على أنها لا تتلقى أموالاً من جهات رسمية أو دول حرصاً منها على الاستقلالية، وعليه يطل السؤال برأسه، من أين التمويل ورؤوس الأموال التي تملكها؟!إن كنا نظن بأن هناك أخلاقيات وممارسات «أفلاطونية» لدى كثير من هذه المؤسسات، فإننا نقع في خطأ كبير وجسيم. فالمسألة كلها لها علاقة بالمال والدعم والتمويل. هناك عناصر عديدة استفادت من هذه المؤسسات، فرفعت شعارات مثل الدفاع عن حقوق الإنسان، أو مناهضة العنصرية، أو حماية مهن معنية، لكن الحقيقة المخفية خلف الكواليس تتمثل بأن هذه المؤسسات واجهة لممارسات شخصية مريضة هدفها الكسب المادي والابتزاز الموجه لدول وحكومات.هناك مؤسسات شغلها الشاغل مهاجمة الدول عبر الإعلام وعبر البيانات الموجهة والواضح فيها عدم الحيادية والاستهداف الصريح وعدم الالتزام بالمهنية. وهنا ابحثوا عن الدعم الذي تتحصله من بعض الأنظمة التي لا تتوانى عن الدفع فقط لتوجه هذه المؤسسات كأدوات ضد أنظمة أخرى. كذلك لا يغفل دور بعض القوى الكبرى في دعم هذه المؤسسات لتخدمها في تنفيذ أجندات معينة وسياسات محددة.بيد أن هناك نقطة خطيرة يغفل عنها الكثير، تتمثل بعمليات بدأت منذ فترة طويلة تستهدف زرع عناصر معدة سلفاً من قبل جهات لها أهداف ومآرب في قلب هذه المؤسسات بحيث تتحكم في عملها وتوجه حراكها. وللأسف الشديد نقولها بأن بعض مؤسسات المجتمع الدولي أدخلت في صلب تنظيمها عناصر بعضها من العرب ذوي الأجندات المناهضة للعرب أنفسهم، فباتوا يسخرون جهودهم لحرف عمل هذه المؤسسات وتحويل عملهم وكأنه مناهض بشكل صريح لكل نظام أو حكومة (طبعاً حسب تصنيف الاستهداف) بفرض قناعة ثابتة أن النظام دائماً على خطأ.لذلك عمل كثير من تلك المؤسسات بات «منحرفاً»، لا مصداقية، ولا عدالة، ومنغمساً في التمييز والإقصاء، وتتضح أهدافه ومآربه، وعليه فإن أفضل الطرق للتعامل معهم، الرد بأسلوب قوي وضربهم في مصداقيتهم وتعريتهم، لكن ليس بطريقة انفعالية مضطربة، إنما بأسلوب التفنن في توجيه اللكمات وأنت تضحك وأنت تنظر إليهم من أعلى. هكذا تتصرف الدول القوية، وخذوا من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مثالاً صريحاً حينما اندلعت أحداث شغب لندن، يومها عرف هذه المؤسسات بحجمها وقال: لن أسمح لأية ادعاءات فنتازية لمؤسسات حقوق الإنسان بأن تمنعنا من إعادة الأمن وفرض النظام في لندن.هذه مؤسسات «منحرفة» تعتاش على ما بنته من اسم في السابق، بحيث بات ذكر اسمها يتصوره الناس بأنها تنطق بالحق، لكن الممارسات وتفكيك خطابها وتحليله لا يكشف إلا عن «انحطاط» في الممارسة، بالتالي لا يجب أن يزعج «المستقيم» والنظام الواقف نفسه معها، يكفي إلقامها بـ»حجر» والسلام، لا دولارات هنا ولا حرص على الرد من هناك.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90