للنجاح طعم؛ وللفشل طعم مختلف. عن الأول اسأل الحكومة التي أصرت على تنظيم سباق الفورمولا في وقته المقرر له وأصرت على إنجاحه ووفرت له كل أسباب النجاح، وعن الثاني اسأل «المعارضة» التي وظفت كل طاقاتها للتأثير على هذا السباق واعتبرته فرصة للإساءة إلى الحكومة. طعم النجاح حلو وهو ينتج البهجة بينما طعم الفشل مر لا ينتج إلا الغم والأسى.
الحكومة وبسبب خبرتها في تنظيم هذا السباق صار الأمر بالنسبة لها سهلاً؛ فانكمش هامش الأخطاء كثيرا، بينما «المعارضة» التي افتقدت إلى المنطق وهي تدعو إلى مقاطعة مشروع رياضي اقتصادي مهم كالفورمولا زادت أخطاؤها ونفرت الكثيرين منها وأثبتت أنها لم تتعلم من الدروس السابقة، فمثل هذا السباق لا يمكن للحكومة أن تقبل بفشله أو حتى بظهوره في مستوى أقل من الذي يمكن أن ترضى عنه. من هنا كانت النتيجة معروفة مسبقا؛ هزيمة المعارضين للفورمولا وانتصار منظمي هذا السباق والحكومة.
مباشرة بعد انتهاء السباق الأحد الماضي تلقت الحكومة التهاني بنجاحها في تنظيمه وأثنت على كل من كان له دور في إنجاحه وإظهاره بهذا المستوى اللافت، ومباشرة بعد انتهاء السباق تلقت «المعارضة» التعازي بفشل خططها الرامية إلى إفشال السباق.
كل من شهد السباق سواء بالحضور أو عبر شاشات التلفزيون في جميع أنحاء العالم رأى كيف كان إصرار الحكومة على النجاح، وكل من تابع الممارسات الناقصة الرامية إلى إفشاله من قبل ذلك النفر القليل تبين له حرص «المعارضة» على تذوق طعم الفشل وإصرارها على أن تعيشه وتحياه. لولا هذا الفارق لما ذاقت الحكومة طعم النجاح ولما ذاق مريدو السوء لهذا السباق طعم الفشل.
النجاح الوحيد الذي يمكن أن تسجله «المعارضة» لنفسها هو تمكنها من اختطاف بعض الشوارع وإشعال النيران في إطارات السيارات وتعطيل حياة المواطنين والمقيمين، وهو نجاح يدفع العالم إلى السخرية منها، فلا يمكن لعاقل أن يتعاطف مع معارضة لا يهمها مقدار الضرر الذي يمكن أن يقع على الناس ولا تفكر إلا في ما يرضي مراهقتها وعقلها القاصر.
كل محاولات إفشال سباق الفورمولا باءت بالفشل؛ فذاق من قادها ومن شارك فيها ومن تعاطف مع الداعين إلى ذلك طعم الفشل والخيبة، وبدل أن تكسب تلك المحاولات «المعارضة» نقطة أخسرتها نقاطاً وأظهرتها أمام العالم في مظهر يفترض ألا يرضيها أن تظهر فيه، حيث بدت كما المراهق الذي يعتقد أن ما يراه في أحلام اليقظة ينبغي أن يتحقق، وهو ما لا يستقيم واقعاً.
على مدى أكثر من شهر دبجوا عشرات المقالات ونثروا آلاف التغريدات وأتاحت لهم الفضائيات السوسة في إيران ولبنان والعراق وبريطانيا وفي دول أخرى عديدة الكثير من الفرص للإساءة إلى البحرين وإلى سباق الفورمولا، فأجرت معهم المقابلات وحرضتهم على التصريح بكل ما يصب في هذا الاتجاه ووفرت لهم كل الدعم الذي يتمنونه، لكن كل هذا لم يسفر عن مفيد، فمن أرادت «المعارضة» توصيل الرسالة إليه اكتشف مقدار ضعفها في قراءة المعطيات ومقدار مبالغتها في تصوير الأمور فسقطت من عينه.
نجاح الحكومة في تنظيم هذا السباق العالمي المهم هو في حد ذاته فشل لـ «المعارضة»، وفشل «المعارضة» في التأثير سلباً على هذا السباق هو في حد ذاته نجاح للحكومة. والنتيجة أن الحكومة ذاقت طعم النجاح، بينما ذاقت «المعارضة» طعم الفشل. وبسبب أن هذه هي المرة الألف التي تنجح فيها الحكومة في تنظيم هذا السباق والمرة الألف التي تفشل فيها «المعارضة» في محاربتها لهذا السباق لذا فإن من الطبيعي أن يكون طعم الفشل هذه المرة أكثر مرارة.