لم نقل نحن؛ بل قال المرجع الشيعي العراقي الصرخي الحسني إن «التمدد الإيراني لن يتوقف عند حد ما دامت الدول والشعوب مستكينة وخاضعة ولا تملك العزم والقوة والقرار للوقوف بوجه الغزو والتمدد القادم والفاتك بهم»، ونقول له انتهت فترة الغزو والتمدد في الدول الخليجية حين ظنت هذه الدول أن أولئك القادمين من إيران وما حولها لن يكونوا أكثر وأكبر من عمال فرضة أو «عكارين» للنخل أو «حمالية» في الأسواق، وهذا بالفعل ما كانوا عليه عندما بدأ الزحف على الدول الخليجية من البر والبحر، حتى تحول بعضهم من باحثين عن لقمة العيش إلى منازعين على الحكم، بعد استكانة هذه الدول وخضوعها أمام هذا الزحف الذي ساعدته على التمكين على حساب شعوبها، الذين ضاقوا الويل والمر على يد هذا الزحف حين استولى على مؤسساتهم واقتصادهم ومناطقهم.
انتهينا من فترة الغزو، وبقينا في مرحلة نتائج التمدد الذي وصل لبلعوم الدولة، وها هي إحدى الدول الخليجية مثل البحرين كمثال على ما حذر منه «الصرخي» عندما وصل هذا التمدد في أغلب مؤسساتها إلا السلك العسكري، حيث استماتت الوفاق لاقتحامه، بعد أن نجحت في اقتحام المؤسسة الأمنية لحد ما من خلال الضغط على الدولة إبان وجودها في البرلمان، حتى مكنت أتباعها من ارتداء «الدريس»، وصارت مركبات الأمن في يدهم، ولقد أثبت هذا التمدد حدة الفتك الذي حصل بالبحرين خلال المؤامرة الانقلابية والتي فيها تعطلت مؤسسات الدولة وشركاتها، حين شارك هذا الزحف من مختلف مواقعه في محاولة إسقاط النظام.
الصرخي اليوم يوجه اللوم للدول التي سمحت للتمدد الإيراني على أراضيها، والذي أخذ أشكالاً وصوراً عديدة مكنته من التمدد، بسبب الاستكانة التي كان منها حسن الظن وغياب الحذر، وعدم الموعظة من أسباب سقوط الحضارة الإسلامية، وأنها لو بحثت عن الأسباب لرأت أن أولها الاستكانة أمام الغزو الصفوي الذي استطاع أن يصل إلى بلاط السلاطين في العصر الأموي والعباسي والعثماني، هذا الغزو الصفوي نفسه لم يتغير منذ تلك العصور بقيادة أحفاد ابن العلقمي الذين تم نثر بذورهم في دول الخليج.
كما حذر الصرخي أن هذا الزحف الفاتك لن يتوقف مادامت الدول والشعوب لا تملك العزم والقوة والقرار للوقوف بوجه الغزو والتمدد الذي لا محالة سيفتك بهم، وها نحن شاهدنا حجم هذا الفتك الذي لم يخطئ الصرخي في وصفه، وذلك حين فتكت الميليشيات الموالية لإيران بالبحرين، ومازال هذا التمدد والغزو مستمراً فيها، والدلالة عليه هو أنه مازال ممثل إيران الذي حصل على الجنسية البحرينية يعترف بعدم ولائه للدولة علانية في بيان له على موقع الوفاق بتاريخ 16 أبريل 2015، حيث يقول فيه «دعوى هذه الحكومات أن شعوبها مستعدة دائماً للتضحية في سبيلها حرصاً على بقاء الحكم الرشيد، وهذا الكلام من السلطات، ونظراً إلى أن الشعوب الحرة الواعية لا تعطي ولاءها لمن يفرض نفسه عليها فرضاً ويكرهها على الرضوخ لسلطته»، وهو اعتراف صريح بأن الولاء ليس موجوداً لديه، فهذه صورة من صور الزحف الإيراني الذي تحدث عنه الصرخي حين لم تتصد له الدولة منذ البداية.
والأهم من هذا هو كيف يمكن وقف هذا الزحف من قبل الدول التي مازالت مستكينة وتواصل على نفس المسيرة بفتح مزيد من المجالات وبدعم سخي وعلى نفقتها في التعليم العالي وغيره، كما تقف بعض هذه الدول عاجزة أمام سيطرة هذا الزحف على مؤسساتها، وذلك ما أكده الصرخي بأن النتيجة ستكون فاتكة، والفاتكة هنا تعني القضاء على الدولة، ومثال هذا اليمن، حيث توغل هذا الزحف وتمدد حتى وصل إلى كبدها، مما جعل الدولة غير قادرة في الوقوف في وجهه، بسبب أنها لم تملك العزم والقوة والقرار للتصدي لهذا الزحف عندما كان في صعدة، فلما وصل إلى صنعاء، صار على الدولة أن تستعين بجيرانها العرب قبل أن يبتلعها الزحف، وقد يحصل الفتك نفسه في دولة خليجية أخرى إذا لم تأخذ بنصيحة الصرخي قبل فوات الأوان.