قراءة العبارات التالية تكفي لمعرفة علاقة إيران بالحوثيين في اليمن وما تريده هذه الدولة الفارسية من هذا البلد العربي الأصيل، وهي تكفي أيضاً لمعرفة أسباب توترها واضطرارها لدفع كبار مسؤوليها وكبار المحسوبين عليها إلى الإكثار من التصريحات النارية منذ بدأت عاصفة الحزم، وكلما زادت النجاحات التي تحققها والتي يقابلها انكفاء الحوثيين وضعف حيلة الإيرانيين إلى الحد جعل القائد في الحرس الثوري الإيراني العميد حسين سلامي يحرض الحوثيين بشكل مباشر على ضرب الرياض بالصواريخ، وهو ما ردده قيادي عسكري إيراني آخر.
وفي كلمة له في يوم الجيش الذي تستعرض فيه إيران قوتها، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن «مناورات الجيش الإيراني والحرس الثوري وفرا (الاطمئنان) لشعوب المنطقة» و«القوات المسلحة الإيرانية هي الأكبر والأقوى في المنطقة»، و«ليتعلم الآخرون من الجيش الإيراني ولا يسعوا للفتنة في المنطقة وقتل الأطفال في اليمن».
أما عن هدف القوات المسلحة الإيرانية ودبلوماسييها، فقال إنه «الدفاع عن حقوق إيران الوطنية، ومساعدة مظلومي المنطقة»، وهو ما يمكن أن يعد تهديداً وتأكيداً على عزم إيران التدخل عسكرياً فيما يجري في اليمن حالياً، خصوصاً أن التحرك الدبلوماسي لم يتوقف منذ أن بدأ الحلفاء عاصفتهم، وخصوصاً أن السعودية أعلنت رفضها للتدخلات الإيرانية وعدم ثقتها في تحركاتها ونواياها.
وأيضاً قوله «لقد غرستم روح العداوة في قلوب أبناء شعوب المنطقة، وستحصدون نتيجة ذلك قريباً»،هذا ما قاله الرئيس الإيراني وهو واضح ومفهوم.
وهنا ما قاله رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء فيروز أبادي في نفس الموضوع «إيران تدافع عن استقلال اليمن وسيادته الشعبية، والقضية ليست الحوثيين أو غيرالحوثيين وإنما الشعب اليمني»، واعتبر أن الاتهامات بإرسال إيران الأسلحة لليمن مضحكة.
أما الأدميرال حبيب الله سياري قائد بحرية الجيش الإيراني فقال «تواجد البحرية الإيرانية في المياه الدولية، ومنها خليج عدن وباب المندب يجري بطلب من منظمة الملاحة الدولية لمواجهة القراصنة، ولا يحق لأحد توجيه أي إنذار للسفن الإيرانية».
ملخص ما تم استعراضه هنا هو أن إيران الساسة والعسكر يعملان لتحقيق أمرين؛ مصالح إيران، وتقديم الدعم إلى المظلومين في المنطقة، وهو ما أكده روحاني في كلمته بالنص. هذا يعني باختصار أن لإيران مصالح معينة في اليمن، وأنه لولا تلك المصالح لما أقدمت على ما أقدمت عليه طوال الفترة الماضية، ولما شمل اليمن «الدعم المقدم إلى المظلومين في المنطقة»، وهذا اعتراف واضح بدور إيران في اليمن وسعيها عبر شعار «نصرة المظلومين» إلى محاربة مختلف الأنظمة في المنطقة.
المثير في التصريحات الإيرانية أنها متناقضة دائماً، فهي تقول إنها تدعم المظلومين وفي نفس الوقت تنفي أنها تدعمهم، أليس الدعم هو بالسلاح وبالمال وبالإعلام وبالتحرك الدبلوماسي؟ ألا تقوم إيران الآن بكل هذا في اليمن؟ أم إن العالم لا يفهم ولا يرى ما تقوم به؟
هنا مثال آخر عن التناقض؛ إيران تردد دائماً بأنها تدعو للسلام وللتفاوض وللحوار، ولكنها تحرص على ألا يمر يوم إلا وتعلن فيه عن حصولها على أسلحة جديدة أو تصنيعها لمنظومات اتصال وصواريخ كالتي أعلنت عنها في اليومين الماضيين. وفي محاولة منها للخروج من فخ مصيدة التناقض تردد دائما بأنها أسلحة دفاعية ردعية، وهو ما تنقضه المناورات التي تجري بين الحين والحين والتي يتم فيها تجربة العديد من الأسلحة الهجومية التي يراد من استعراضها تخويف دول المنطقة.
مخطئ من يعتقد أن توعد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير للسعودية، والذي بث عبر القنوات الإيرانية واستغرق ساعة، لم يكن بالتنسيق مع إيران روحاني.