لو استمر أعضاء مجلس النواب بذات السياق الذي يتحركون في إطاره في الفترة الأخيرة لاستطاعوا تحقيق الكثير من الإنجازات، وإيقاف الكثير من المخالفات، وعليه يمكننا كسلطة رابعة من دعمهم والشد على أيديهم لتطوير الحركة التشريعية وتعزيز أدوات الرقابة على أداء السلطة التنفيذية.
الجلسة قبل الماضية لمجلس النواب، شهدت تحركاً ملحوظاً فيما يخص المخالفات التي وردت في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير، حيث طالب المجلس إحالة كل التجاوزات إلى النيابة العامة، وهو أمر في غاية الأهمية.
حيث أكد الخبر أن هنالك» 33 نائباً قرروا ومن خلال طلب تقدموا به إلى مجلس النواب إحالة المخالفات الجنائية الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية السنوي لعام 2013-2014 إلى النيابة العامة تضمن الشبهات الجنائية في عدد من الجهات الحكومية، وذلك تأكيداً للحق الأصيل لمجلس النواب في إحالة ما يراه من مخالفات جنائية إلى القضاء، كما قرر النواب خلال مناقشتهم لتقرير الرقابة التقدم بطلب استجواب لوزير الصحة، وتشكيل لجنة تحقيق في شركة ممتلكات، وذلك في رسالة رفعها النواب إلى رئيس المجلس. وشملت المخالفات 19 وزارة حكومية وجهة حكومية توجد بها شبهة جنائية، وهي: وزارة الصحة، المواصلات، الثقافة، التربية، هيئة شؤون الثقافة حالياً، وزارة الأشغال والبلديات، بلدية المنامة، الهيئة الوطنية لتنظيم الخدمات الصحية، هيئة تنظيم سوق العمل، شركة بناغاز، الأوقاف السنية، الأوقاف الجعفرية، وزارة العدل، شركة بابكو، وزارة الصناعة والتجارة، طيران الخليج، هيئة شؤون الإعلام. بالإضافة إلى جهات مخالفة لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات ومخالفاتها ترقى إلى وجود شبهة جنائية، وهي: الصحة، الخارجية، التربية، الأشغال، الثقافة، المالية، التنمية الاجتماعية، جهاز المساحة والتسجيل العقاري، ديوان الخدمة المدنية، الهيئة الوطنية للنفط والغاز، البلديات الخمس، بابكو، طيران الخليج. وخلال الجلسة أوصى النواب بضرورة استرجاع الأموال المهدرة، وأن يستخدم النواب الأدوات الرقابية المقررة في مواجهة كل سؤال، وأن تتابع الحكومة جميع الإجراءات التي اتخذها الديوان ومدى تفاعل واستجابة الجهات الخاضعة لرقابته، وأن تطبق الحكومة الإجراء الذي تم الاتفاق عليه مع السلطة التشريعية في لجنة دراسة برنامج عمل الحكومة على ضرورة استجابة الوزارات والجهات الحكومية لملاحظات تقرير الرقابة».
حين يضغط أعضاء مجلس النواب في هذا الاتجاه فإنهم بذلك يحاصرون الفساد المتفشي خلال الأعوام القادمة في كل مؤسسات الدولة، وبإحالة المخالفين للنيابة العامة، ستنخفض مستويات الفساد لأدنى درجاته، لأن متابعة ملف المخالفين الذين يرد ذكرهم في تقرير الديوان كل عام، سيفرمل حركة الفساد إلى أدنى درجاته، وستكون العقوبة والمحاسبة رادعاً قوياً لكل من تسول له نفسه تجاوز القانون والسعي للفساد في مؤسسات الدولة.
نتمنى اليوم أن يتحول «القرار» إلى واقع عملي، يتم من خلاله التحرك النافذ والفاعل في تأسيس قاعدة برلمانية لتكون حجر زاوية لكل ما هو قادم، وضبط الفساد عبر آلية واضحة ومقننة، وذلك بالتعاون مع النيابة العامة وكل الجهات المختصة، وعلى رأسهم ديوان الرقابة المالية والإدارية. فحين يحاصر الفساد فإن الدولة ستوفر ملايين الدنانير لخزانتها، كما ستكون العقوبة رادعاً قوياً لكل من تسول له نفسه في شرعنة الفساد داخل مؤسسات الدولة، وهذا هو الجزء الأهم من الفكرة، وهي «قطع الأكسجين عن المفسدين».