من حضر حفل تدشين ديوان مواويل «قال المعنى» للشاعر علي عبد الله خليفة بمركز عيسى الثقافي مساء الاثنين تأكد له أن البحرين بخير وأن الجو الحميمي الذي ساد تلك الأمسية والحب الذي كان يفيض من كل العيون هو مثال لروح الحياة في البحرين، التي كانت والتي ستبقى هكذا رغم كل محاولات التخريب التي حاول البعض تحطيم النفوس بها وتحطيم هذا الوطن الذي عانى الكثير بسبب حقد ظل معشعشاً في بعض الصدور، حتى وجد الفرصة ليخرج ويفعل فعلته التي فعل ويدخل البلاد في دوامة تعيق تقدمه وتكبل إبداعات أبنائه.
كل من حضر تلك الأمسية عمرت الفرحة قلبه وعبرت عيونه عن اعتزازه بكل ما رأى وبكل من حضر، بل أن البعض لم يتمكن من التحكم في دموعه فخرجت لتوفر مثالاً صادقاً عن مقدار الحب الذي يكنه الجميع للبحرين ولشاعرها الذي همه الموال والمشاركة مع كل من يمتلك ناصية الكلمة في التعبير عن الألم والأمل وعن حب هذا الوطن الذي يبادل أبناءه المخلصين دائماً حباً بحب.
الحضور الذي ضاقت به قاعة المركز أفرح الشاعر ومنظمي الفعالية، والشاعر والمشاركون في هذا العمل الذي اعتبره خليفة نجاحاً للجميع أفرحوا الحضور بالمستوى الذي ظهر فيه إنتاج الأمسية، ولهذا صفق الجمهور بحرارة لكل من حرص الشاعر في كلمته على ذكره وبيان دوره، فهو بالفعل نتاج جهد جماعي أتاح من لهم العلاقة به الفرصة لعدد كبير من المبدعين كي يبدعوا ويقولوا باختصار، ولكن بشكل عملي، إن هذه هي البحرين التي لا نقبل عنها بديلاً.
حفل تدشين الديوان صاحبه معرض للتشكيليين العراقيين ناصر السامرائي وأحمد الشهابي والحروفي البحريني عمار آل محمود، ورافقته أعمال موسيقية وغنائية لأحمد الجميري وخالد الشيخ وعبدالله الرويشد ومحمد المسباح ومهند محسن، أما الأمسية فأدارها باقتدار الفنان عبدالله يوسف وبسمة البناء، التي أدارت الإنتاج وكان لها الرؤية الإخراجية لهذا العمل الإبداعي الذي بدا أكثر من تدشين كتاب وأكثر من احتفاء بشاعر، وبفن الموال.
هناك جانب آخر جميل في هذا العمل الإبداعي هو إقدام الشركات والمؤسسات التجارية وعدد من الشخصيات البحرينية على دعمه بسخاء لافت، الأمر الذي يوفر الأمل لإخراج الكثير من الأعمال المبدعة التي ظلت بسبب قصر ذات يد مبدعيها في الأدراج، في وقت يمكن أن تضيف موجباً، خصوصاً في مثل هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها وطننا الغالي وتمر بها المنطقة التي تموج بالأحداث، فثقافة البحرين الوطنية، كما قال صاحب «المعنى»، غنية بمثل هذه الأعمال، والجيل الجديد من الشباب البحريني يمكنه أن يعطي أكثر وأكثر في هذا المجال.
ليلة تدشين «قال المعنى» كانت ليلة بحرينية خالصة وإن شارك في إنجاز العمل المحتفى به مبدعون من دول الخليج العربي والدول العربية، ففي تلك الليلة قالت قلوب وعيون الحاضرين إن هذه هي البحرين التي عرفناها وهذه هي البحرين التي نريد، فكانت بمثابة تظاهرة صامتة أرسلوا من خلالها رسالة قوية إلى كل يد تريد بالبحرين سوءاً وإلى كل من سمح لنفسه التجاوز على حقوق الآخرين، وحق الوطن.
أمر آخر كان لافتاً في تلك الأمسية الرائعة ينبغي الإشارة إليه هنا هو مشاعر المحبة التي سيطرت على اللقاءات كافة التي جمعت بين البحرينيين من المنتمين إلى مختلف المشارب وأثبتوا بها أن البحرين بخير وأنها ستظل بإذن الله بخير، وأن المخرج مما صرنا فيه هو اتفاقنا على حب هذا الوطن وإخلاصنا له وأن كل محاولات التفريق بيننا مآلها الفشل.
ليلة تدشين «قال المعنى» لم تكن ليلة ثقافية فقط؛ فقد كانت صرخة في وجه كل من يضمر السوء لهذا الوطن.