لايزال السيد حسن نصرالله منفعلاً بالخسارة في اليمن، وبسبب خوفه على ضعاف القلوب والمسنين والأطفال، صار ينبه جمهوره مسبقاً إلى أنه سيتكلم "بهدوء" في بعض الأماكن و"سترتفع نبرتي" في أخرى. كما أبلغ سامعيه ومشاهديه أنه تحرر من ضبط النفس في الحديث عن السعودية، فهل هذا من أجل الحوثيين أم من أجل إيران؟
لم تقصر طهران في إطلاق التهديدات للسعودية، وآخرها من الرئيس "المعتدل" حسن روحاني، إلا أنها تركت دور العبث والتضليل لزعيم "حزب الله"، لأن الملف الحوثي عنده. حتى إنه يوم قدمت إيران نقاطها الأربع رسمياً إلى الأمم المتحدة كان يقول "انتهى الأمل بحل سياسي".
لكل كلمة قالها نصرالله عن اليمن إسقاطات على لبنان وسوريا والعراق والبحرين. لكنه تجنب الخوض في إخفاق الحوثي في التعامل مع الحكومة الشرعية، مع أنه كان يحتاج إليها وشاركها في تشكيل الحكومة. ولئلا ينزلق منطقه إلى الإقرار بوجود تهديد إيراني للسعودية فضل نصرالله نفي وجود تهديد حوثي للسعودية، مع أن الحوثي لم يخفِ نياته قبل "عاصفة الحزم"، ثم أنه أجرى مناورة عدائية بالقرب من الحدود السعودية، وهناك صور وأشرطة لمنصات الصواريخ التي أقامها ولمخزونه من الصواريخ الإيرانية.
وحين ذكر "مواجهة الاحتلال الإيراني أو الهيمنة الإيرانية" بين أهداف "العدوان" على اليمن لم يشأ الاعتراف بأن الشعب اليمني، مثل شعوب لبنان وسوريا والعراق، يرفض أيضاً هذين الاحتلال والهيمنة.
وعندما يشير نصرالله إلى "الشعب اليمني" فإنه يعني "الحوثيين" ولا أحد سواهم، تماماً كما يفعل إزاء اللبنانيين والسوريين، فكل من ليس من جمهوره وحلفائه هو "الفريق الآخر". وإذا كان نصرالله المعادل اللبناني لعبدالملك الحوثي، فلعله يعتبر ميشال عون معادلاً لعلي عبدالله صالح. لكن الأمور اختلطت عليه هذه الأيام بدليل المقارنات التي قدمها بين "حرب تموز" و"حرب عاصفة الحزم" ليحاجج من يساوون إيران بإسرائيل بتشبيه السعودية بإسرائيل، وكأنه لايزال يجهل أنه يلعب في سوريا اللعبة التي حددتها إسرائيل لحماية النظام.
من الطبيعي ألا يكون جميع اليمنيين متعاطفين مع "عاصفة الحزم"؛ إما خوفاً من القصف أو رفضاً للحرب وضحاياها وخسائرها أو حتى لأسباب سياسية، لكن المؤكد أن بديلهم ليس الحوثيين الذين لا يبدو أن لدى نصرالله فكرة واضحة عما فعلوه خلال الشهور السبعة الماضية، لذا فهو يواصل الدفاع عن فشلهم وأخطائهم.
لعل نقطة واحدة "ظبطت" مع نصرالله، وهو عرضها من زاوية سلبية، إذ قال إن "العدوان فشل في تحويل المواجهة بين زيدي وشافعي، أو سني وشيعي". هذا فشل بمثابة نجاح للسعودية، باعتبار أن كل تدخلات إيران وحروب ميليشياتها تخاض من منطلق مذهبي.

- عن جريدة "النهار" اللبنانية