استغلال ملف البطالة تقف وراءه جمعيات انقلابية تسعى لتحقيق أهدافها بالضغط على الدولة بالإعلام الانقلابي الذي يخدم التوغل في المؤسسات الحكومية والشركات الوطنية
مازالت تلك الحركة غير المنصفة مستمرة منذ سنوات، والتي تبنتها الوفاق ووزارة العمل و«تمكين» سابقاً، حين حاولوا حصر عملية التوظيف في قائمة محددة لا غيرها، وتم توزيع القائمة على بعض المؤسسات الحكومية، كفرض إجباري وطريقة تمكنهم من التوظيف في المؤسسات الحكومية بعينها على هيئة متدربين لاكتساب الخبرات، والدليل أن الوفاق كانت خلف هذه القائمة حتى يناير 2011، قدمت كتلة الوفاق النيابية مقترحاً برغبة بصفة الاستعجال لتوفير فرص عمل للقائمة 1912، والذين تم بالفعل توظيف أغلبهم، إلا أن اليوم عادت حركة متعمدة مرة أخرى لحجب الفرص عن الخريجين الآخرين كما حصل في السابق، وبنفس الوتيرة الإعلامية التي تبنتها الصحيفة المعروفة التي استضافت بعض العاطلين، وذلك للضغط على ديوان الخدمة المدنية بفتح مجال التوظيف لهم دون غيرهم، ويعد ذلك، إن حدث، غير منصف من قبل ديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل و«تمكين»، والتي تبنت برامج من غير اختصاصها، وذلك حين مارست الضغط على المؤسسات الحكومية.
لم نسمع عن أي دولة في العالم حصرت أسماء مواطنين بالذات في قوائم لتدفع بهم للشركات أو المؤسسات الحكومية، إلا في البحرين بدفع من جمعية انقلابية معروفة الأهداف، حيث استطاعت ومعها مسؤولون في المؤسسات الحكومية من اختراع الأفكار لتمرير الأجندة الوفاقية وتوفير التمويل لها وفتح الفرص بدعوى البطالة وبدعوى إصلاح سوق العمل، حيث صار هذا الإصلاح مصدراً مالياً مضموناً ومستمراً دعم الكثير من البرامج والأهداف الوفاقية، وحتى دعم المؤسسات التابعة لها، وتوفير فرص تدريب مجانية مكلفة لهندسة الطيران والطيارين والممرضين وغيرها من الشهادات العلمية التي لم تقم «تمكين» آنذاك بإعلان أي منها في الصحف المحلية، إلا عن طريق صحيفتها وموقعها، والنتيجة هذا التمويل فتح المجال وقدم الدعم لمواطنين دون غيرهم.
وها هو وزير العمل يصرح في أبريل 2015 في رده في جلسة النواب على السؤال المقدم من النائب عادل حميد جواد عن أعداد العاطلين البحرينيين، أن «من يراجع الوزارة سيجد 1500 شاغر تدريبي في الوزارة معروضة للشباب والشابات»، فما هي إذاً المشكلة مادام هناك فرص عمل متوفرة بوزارة العمل؟
إن الكثير من الخريجين في تلك السنة عانوا من الإحباط عندما حصر وزير العمل التوظيف في قائمة واحدة، وفرض على المؤسسات الحكومية عدم توظيف أي اسم خارج القائمة، وكأن باقي الخريجين غير بحرينيين، وهو الذي يجعلنا نتساءل؛ كيف كان يمارس وزير هذا التمييز وهو المسؤول عن وزارة توظيف وتدريب وتعليم، وتحت يده مؤسسات وطنية مثل «تمكين»؟ أي كل الموارد المالية تحت يده وكل الفرص تحت يده، ثم يحجب فرص العمل بالانتقاء.
إن الإعلام الانقلابي يؤجج المواطنين على الدولة، كما يقوم بتحريض خريجين آخرين عندما تتحرك هذه المؤسسات مرة أخرى لفتح الفرص لمواطنين لقوائم دون غيرها، لذلك فإن استمرار مثل هذه البرامج، والتي نشبهها بأيام المسؤولة في وزارة التربية حيث حجبت فرص التعليم الجامعي وحرمت منه الفئة الأكبر من المواطنين، وها هي الآن العملية تكررت في العشر السنوات الأخيرة؛ عندما بدأت وزارة العمل وتمكين نفس البرنامج، وحين وفرت الفرص للبعض دون غيرهم تحت اسم متدربين مؤقتين لدى العديد من المؤسسات الحكومية، وإن اختلفت الوجوه يستمر هذا البرنامج، وهذا الإعلام الذي يحاول أن يظهر قضية العاطلين كأنها ليست كقضية شاملة وإنما لخريجين بعينهم.
إن قضية البطالة قضية عالمية تعاني منها حتى الدول الخليجية الغنية، وليست قضية البحرين حصراً، لكن تلك الدول ليس لديها جمعيات سياسية انقلابية تستخدم ملفات البطالة أو الفقر كي تسقط أنظمتها، وإنما تعالجها بطريقة وطنية لا فئوية، وتحل مشاكل العاطلين بهدوء، ولكن ما يحصل في البحرين هي قضية ليس لها علاقة بعاطلين وإنما قضية تقف وراءها جمعيات انقلابية تسعى لتحقيق أهدافها بالضغط على الدولة بالإعلام الانقلابي الذي يخدم أهداف التوغل في المؤسسات الحكومية والشركات الوطنية، حيث استطاعت أن تقطع فيه شوطاً كبيراً من خلال البرامج التدريبية وبرامج الشهادات العليا والتخصصية والتوظيف التي تبنتها المؤسسات التابعة لوزارة العمل آنذاك، وبصفة انتقائية تضرر منها أغلبية الشعب بنفس حجم الضرر في السنوات التي كانت فيه المسؤولة بوزارة التربية والتعليم ترمي طلبات الالتحاق بالجامعات في سلة المهملات.
إن ضرر البرامج التي تبنتها وزارة العمل و«تمكين» في 2006 في التعليم والتدريب والتوظيف؛ ستبقى آثار ظلمها لأغلبية الشعب لثلاثين سنة قادمة.