لطالما طالبنا ونادينا بأهمية التخطيط طويل المدى لرياضتنا البحرينية ولكن لا حياة لمن تنادي!
الأخطاء تتكرر وتتراكم سواء في تنظيمنا لمسابقاتنا المحلية أو لاختياراتنا للطواقم الفنية التي تدير فرقنا الرياضية أو في اختياراتنا العشوائية للاعبين المحترفين الأجانب أو حتى في منهجية التجنيس الرياضي!
السبب في ذلك عدم اهتمام مؤسساتنا الرياضية عامة واتحاداتنا الرياضية خاصة بهذا الجانب العلمي والإصرار على العمل الوقتي الذي تتشابك فيه المصالح والرغبات الشخصية وهذا هو ما يصنع الفارق بيننا وبين الدول المتقدمة رياضياً والتي تتخذ من التخطيط منهجاً أساسياً لعملها.
الدليل على هذا القصور هو ذلك الحضور الخجول جداً من الاتحادات الرياضية للندوة التي نظمتها لهم اللجنة الأولمبية مساء الأحد الماضي وحضرها ستة اتحادات من أصل الاتحادات الـ28 المعتمدين من قبل اللجنة الأولمبية البحرينية!
قد تتعذر بعض الاتحادات الغائبة بارتباطاتها بفعاليات هامة كاتحاد ألعاب القوى واتحاد الرياضات البحرية فما عذر البقية الباقية من الاتحادات الغائبة؟!
هل سيقولون إن الندوة لا جدوى لها في ظل تقليص الموازنات وأن التخطيط طويل المدى يحتاج لموازنات ضخمة مما يعني أنه يصعب الشروع في تنفيذ هذا المشروع في رياضتنا البحرينية؟!
أنا شخصياً أرى أن ذلك - لو حدث – لا يعتبر مبرراً كافياً للغياب عن حضور ندوة تحمل هذا العنوان الهام ويديرها واحد من أبرز علماء الإدارة الرياضية في العالم وهو البروفيسور إستيفان بالي الذي تطبق مشاريعه في العديد من الدول المتقدمة رياضياً وأبرزها جنوب أفريقيا التي استفادت من برنامج التخطيط طويل المدى الذي وضعه لهم البروفيسور بالي قبل أحد عشر عاماً وشرع في تنفيذه 41 اتحاداً رياضياً بداًت نتائجه تظهر في السنوات الأربع الأخيرة من خلال الإنجازات الأولمبية والعالمية التي يحققها رياضيو جنوب أفريقيا.
الغريب أنه في ذات العام 2004 كان البروفيسور بالي قد زار البحرين وأوصى بالشروع في وضع الخطط طويلة المدى وظلت توصياته حبيسة الأدراج باستثناء الكتيب الذي تولت اللجنة الأولمبية ممثلة بمركز التدريب والتطوير الرياضي طباعته ليكون الشاهد الأبرز على الفارق بين من يعمل ومن يكتفي بالتنظير!
لقد تطرق البروفيسور بالي إلى أهمية تثبيت برامج المسابقات المحلية وتحديد تواريخها لكي تتيح المجال أمام مدربي الأندية والمنتخبات وضع برامجهم التدريبية وفقاً لهذه الجداول الزمنية وعدم المساس بها، كما أشار إلى أهمية انتقاء الأطقم الفنية بحيث تتناسب مع الفئات العمرية وعدم الخلط في فنون التدريب بين الكبار والصغار وأهمية انتقاء المواهب بحسب المقاييس والمعايير البدنية مع مراعاة الجوانب النفسية والمعنوية.
كل هذه الاشتراطات ليست بغريبة علينا ونؤمن بأنها اشتراطات مثالية لنجاح المنظومة الرياضية ولضمان مخرجات إيجابية، ولكننا على أرض الواقع نعاني من غيابها سواء في الاتحادات أو الأندية حيث تسيطر الاجتهادات الشخصية والقرارات الترقيعية على مركز صناعة القرار فنجد التغييرات المتواصلة في جداول المباريات والمشاركات المفاجئة في البطولات ونجد الناشئة من اللاعبين يتدربون كما يتدرب الكبار وهكذا تتداخل المتناقضات ولا ندري إلى متى سنظل ندور في هذه الحلقة المفرغة بسبب غياب التخطيط السليم.