إن قطع يد الإرهاب من القرى والمدن يحتاج إلى استراتيجية كبيرة وإرادة وأولها فتح هذه المدن والمناطق وإدماجها بباقي المناطق في البحرين بحيث لا تكون حصراً لطائفة



بات قطع يد الإرهاب في مدن وقرى البحرين ضرورة لا تحتمل التأخير أو التنظير، وها هو صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان اليوم يقول كلمته «سنقطع يد الإرهاب والتخريب بالمدن والقرى»، حيث تحمل لنا هذه الكلمات الأماني والآمال الكبيرة بأن ينتهي الإرهاب نهاية مؤبدة لا رجعة فيها.
إن قطع يد الإرهاب والتخريب سيأتي بالطبع بعد محاكمة قادة الإرهاب أولاً، والتعامل بحزم مع الخطاب الديني والإعلامي المؤجج -الداعي لكراهية النظام والتحريض عليه- على أنه خطاب الكراهية بعينه، وليس خطاب المدافعين عن البحرين، وذلك عندما يصور قادة الإرهاب ورجال الدين والإعلام الانقلابي بأن «الدولة عدوة للشعب وعلى الشعب أن يسعى لإسقاط النظام»، وأنه الخطاب المؤجج المحرض على الإرهاب. فقطع الشوارع والتفجير والقتل لم يحدث إلا بعدما يتم شحن صدور بعض العوام من على هذه المنابر، وها نحن شاهدنا حوادث قتل رجال الأمن وهي تتزايد بعد فتوى «اسحقوهم»، حيث ظل صاحب الدعوة بدون استدعاء ولا محاكمة، وهو ما أدى إلى التمادي في الإرهاب.
إن القرى وبعض المناطق أصبحت مخازن للأسلحة، لا نعلم كمها ولا شكلها، وخاصة عندما أعلن عنها علي سلمان في أحد تصريحاته، بأن «لديه قوة لم تستخدم بعد»، كما أصبحت هذه المناطق تشكل خطورة على رجال الأمن، لأنها ليست مختلطة، مما أدى إلى أن تكون هذه المناطق ملاذاً آمناً للإرهابيين، كما أصبحت مزارعها وبيوتها مكاناً ملائماً لإقامة معسكرات التدريب.
وها هي «عاصفة الحزم» تضرب المثل في كيفية فرض الحزم، في التعامل مع العصابات، لأن العصابات هذه لا ينفع معها أن تكون جزءاً من الدولة ولا ينفع معها حوار، لأنها عصابات تم تجنيدها من قبل إيران، وإن أصبحت جزءاً من الدولة، فمصير الدولة هو الضياع، وذلك حين توسد إليهم الدولة مؤسساتها، وقد شاهدنا ما حصل في 2011، ويكفي هذا أن يكون درساً، وإن لم يكن ما حصل في 2011 درساً، فنقول إنه قد يكون القادم خارجاً عن إطار الدرس، لأنه قد فات الأوان، عندما لم تتعظ الدولة ولا ناسها ولا شعبها، حين بدؤوا يركنون إلى من غدر وخان.
إن قطع يد الإرهاب من القرى والمدن، يحتاج إلى استراتيجية كبيرة، وإرادة، وأولها فتح هذه المدن والمناطق وإدماجها بباقي المناطق في البحرين، بحيث لا تكون حصراً لطائفة، كما هو حاصل الآن بحيث إن المناطق الشيعية تزيد اتساعاً وإغلاقاً والمناطق السنية الخالصة يتم اختراقها والتغلغل بها، مما يخلق عدم التوازن والانتشار، الذي خدمه التيسير المالي والقروض البنكية والخطة الاستراتيجية التي تبنتها إيران في شراء العقارات في البحرين بالتمويل الخفي أو التمويل عن طريق بعض البنوك، وبالمقابل طائفة سنية لا تملك التمويل لشراء عقار، بل قد يكون كل ما تملكه بعض الدنانير للتعديل في بيت الإسكان، كما أنه يمكن إنشاء مدن جديدة للمشاريع الإسكانية على غرار مدينة حمد ومدينة عيسى ومدينة زايد، بحيث تكون مناطق مختلطة، والابتعاد عن توسيع وإقامة المشاريع الإسكانية في القرى والمناطق الداخلية، لأنها لا تخدم أولاً الأمن والاستقرار، كما لا تخدم عدالة توزيع المشاريع الإسكانية، ومثال على ذلك عندما تم توزيع أراض في الدير في 2009 حصراً على أهاليها رغم طلباتهم الحديثة، في الوقت الذي لم يحصل أهالي المحرق والرفاع على هذه الخدمة، كما حصل عليها أهالي المناطق الأخرى ضمن مشروع امتدادات القرى لفئة معينة دون غيرها، في الوقت الذي يتم فيه توزيع مشاريع إسكانية من وحدات سكنية وقسائم في مناطق مثل الحد والبسيتين لا تكون حصراً على أهلها ولا طائفتها.
بالطبع قطع يد الإرهاب في المدن والقرى البحرينية لا يحتاج إلى طائرات ولا بوارج ولا دبابات، بل هو سياسة تتبناها الدولة بعد دراسة المؤامرة الانقلابية دراسة مستفيضة من حيث أماكن انطلاقها، وكيف استطاعت هذه العصابات من قبل، احتلال المنامة والسيطرة على الشوارع الرئيسة والنظر في أسباب سهولة احتلال مستشفى السلمانية، وكيف استطاعت هذه العصابات الحصول على السلاح والتدريب، وكيف استطاعت تخزينه وبأي وسيلة أدخلته القرى ثم دراسة المؤسسات والشركات الوطنية التي تم تعطيل العمل فيها بالكامل أثناء العصيان المدني، وهل هذه الشركات الوطنية بمأمن من خطر السيطرة إذا ما كان هناك إعداد لمؤامرة قادمة، وكذلك دراسة سلامة مؤسسة الاتصالات ومصادر الطاقة، والوضع الآمن للكابلات الكهربائية التابعة للمدن الرئيسة في البحرين وبيوت كبار المسؤولين في الدولة، خاصة أن العمل الإرهابي أو أي تخطيط انقلابي قادم قد يكون خطيراً وسريعاً وقد لا يكون فيه وقت لرفع سماعة التلفون.
إذن قطع يد الإرهاب يأتي من خلال استراتيجية واقعية تضعها الدولة دون تردد أو تعليل أو تبرير، وأهم شيء بدون تأخير.