الوزير الإماراتي أنور قرقاش كتب معلقاً في حسابه على «تويتر»، «قائد عام حرس الثورة يصرح «بسقوط وزوال نظام آل سعود بعد عدوانه على اليمن».. أي جيرة وجوار تطلب طهران، وأي دبلوماسية ناعمة مطلوب أن نصدقها»، أما قول ولايتي «لن نأخذ الإذن من السعودية لكي تتجه طائراتنا إلى اليمن» فلا يحتاج إلى أي تعليق، فهو يكشف العقلية الفارسية التي تعتقد أنه إذا كان لأحد أن يفرض معطيات معينة في الساحة فهي إيران.
استكمالاً للصورة، لعل من المناسب إضافة هذه المعلومة، فقد قال لي أحد معارفي إنه وأصدقاء له زاروا أخيراً بعض المدن الإيرانية وأنهم تمنوا لو كنت معهم، فسألته عن السبب فقال لترى بنفسك وتسمع كيف يوجه الساسة الإيرانيون هذا الشعب المغلوب على أمره ليردد ما يريدون منه ترديده، وكيف أنهم يقحمون هؤلاء في أمور لا علاقة لهم بها. وأعطاني مثالاً، قال إنهم شاهدوا الإيرانيين في أحد الأماكن المقدسة وهم يرددون بصوت عال «مرق مرق بر عربستان» تعبيراً عن تعاطفهم مع الحوثيين وغضبهم من عمليات «عاصفة الحزم».
أما عربستان فيعنون بها المملكة العربية السعودية، وأما «مرق» -بفتح الميم وتسكين الراء- فتعني الموت، والعبارة تعني «الموت للسعودية». هكذا يتم شحن العامة ليتخذوا موقفاً من كل الدول التي تأخذ السلطة في إيران موقفاً منها، فالحق في اليمن مع الحوثيين، وكل من يقف ضد الحوثيين يستحق الـ»مرق»، وكذلك كل من لا يوافق إيران على موقفها!!
من هنا فلا عجب أن يعتبر الشعب الإيراني ما يجري في اليمن «عدواناً سعودياً» ولا عجب أن يرفض مسؤولوه أخذ الإذن من قيادة التحالف لتتمكن طائراتهم من التوجه إلى اليمن في ظل هذه الظروف رغم أن هذا الإجراء يدخل في باب التنسيق وحفظاً للطائرات الإيرانية كي لا تتعرض للنيران ومن ثم تزداد المشكلة وتتعقد.
كل هذه التصريحات الغاضبة التي تصدر من المسؤولين الإيرانيين، وكل هذه الشعارات الفارغة التي يرددها الإيرانيون في الأماكن المقدسة بإيران والتي يفترض أن تبعد عن مثل هذه الموضوعات، كلها لا تعني سوى شيء واحد، هو أن إيران غاضبة من «عربستان» لأنها خربت خططها الرامية للاستيلاء على اليمن، وأبعدتها عن تحقيق أهدافها الأخرى والتي ملخصها السيطرة على المنطقة، والسيطرة على الحرمين الشريفين، وبالتالي فإنها تستحق الموت والفناء.
المثير في الأمر أن الإيرانيين ما عادوا يصرخون «مرق بر أمريكا» ولا «مرق بر إسرائيل»، ربما كي لا يخربوا الصفقة المتوقعة بشأن الملف النووي الإيراني، وربما لأنهم شعروا أن عبارة «مرق بر عربستان» أحلى وأسهل وأصدق في التعبير عن دواخلهم!
وحدهم المتابعون للشأن الإيراني لا يدهشون من هكذا مواقف لمسؤولين إيرانيين وهكذا تصريحات وهكذا شعارات وعبارات ترفع وتردد في أماكن يفترض ألا يكون لها علاقة بما يجري في الساحة السياسية، فهؤلاء وبسبب ما يرونه ويسمعونه من الإيرانيين وبسبب ما يقرؤونه عن إيران، لا يدهشون من كل الممارسات الإيرانية خصوصاً وأنها هذه المرة تدخل في باب رد الفعل، فليس هيناً أن ترى إيران الأموال التي صرفتها على الحوثيين لتعينها على احتلال اليمن وهي تحترق أمام أعين كل الإيرانيين، وليس هيناً أن ترى أحلامها وهي تنهار، وترى كل تحركاتها وهي تفشل. في مثل هذه الظروف لابد أن تتلف الأعصاب فتصدر التصريحات اللاموزونة والبعيدة عن الدبلوماسية و«الإتيكيت» ولابد أن يتخبط الإيرانيون ويدعون على من كان السبب في فناء أموالهم التي كان يمكن أن يستفيدوا منها لو أن قيادتهم قرأت الساحة جيداً وتعاملت مع معطياتها بشكل مختلف.