هذا العنوان يختصر إحدى الرسائل التي اهتم معالي وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بتضمينها الكلمة التي ألقاها لدى ترؤسه وفد مملكة البحرين المشارك في الاجتماع التشاوري السادس عشر لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد الأربعاء الماضي في الدوحة بدولة قطر، ذلك أن الاتحاد الخليجي الذي ظل يحلم به قادة التعاون وشعوب دول الخليج العربي أصبح بسبب المتغيرات التي تشهدها المنطقة بالفعل واقعاً ملموساً وأمراً لم يعد يحتمل مزيداً من النقاش والدراسة والتأجيل، فالدخول في هذه الخطوة بات أمراً ملحاً، وهو انعطافة تساعد مختلف الظروف والمستجدات الإقليمية والدولية اليوم على سلكها ومن شأنها أن تغير وجه المنطقة العربية بكاملها."في ظل المتغيرات الخليجية والإقليمية فإن استشراف النهج السياسي لمستقبل دول المجلس يجعل تعزيز التعاون والتكامل في مقدمة أولوياتنا لتحقيق الاتحاد، الذي أصبح واقعاً ملموساً وأمراً بات محسوماً". هذا ما قاله معالي الوزير في كلمته المهمة والتي تأتي وسط مثال للتعاون والاتحاد بين دول الخليج العربي بمساندة دول عربية عديدة وفر الدليل القاطع على أن العرب عندما يجمعون على أمر فإنهم دونما شك ينتصرون، وما نجاح "عاصفة الحزم" التي أريد منها استرجاع الشرعية التي انتهكت في اليمن الشقيق من قبل عناصر إرهابية أرادت أن تفرض نفسها على جميع الفرقاء هناك وعلى كل القواعد الدولية إلا ذلك المثال العملي الذي جسد الموقف الموحد في القرار فكان بمثابة الجرس الذي أعلن به قادة دول التعاون أن الاتحاد الخليجي بات محسوماً وأن خطوات قليلة تفصل بينهم وبين تحويله إلى واقع ملموس.ولأن الاتحاد الخليجي المطروح هو اتحاد كونفيدرالي لذا فإن الإعلان عنه لا يحتاج إلا إلى توفير صيغ تسهل عملية التنسيق بين هذه الدول، ذلك أن كل المطلوب للتحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد متوفر، ويكفي للتدليل على هذا التنسيق الدفاعي الكبير الذي سهل عملية "عاصفة الحزم"، والتنسيق الأمني المتوفر بقوة ملحوظة والذي أدى إلى الكشف عن العديد من التنظيمات الإرهابية في مختلف دول التعاون، كما أن التنسيق في ما يتعلق بالمواقف السياسية لدول التعاون موجود منذ زمن وإن اختلف بعضها في التفاصيل لسبب أو لآخر.الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، قال في كلمته بوضوح إن "روح التعاون بيننا واجبة، والحاجة ملحة لوحدة الموقف السياسي والدفاعي والأمني"، ولولا الموقف الموحد في الدفاع والأمن والسياسة والاقتصاد لما نجحت "عاصفة الحزم" ولما حققت أياً من أهدافها وأدت إلى تراجع الإرهاب الحوثي وداعميه، بل لما غير من نظرة العالم كله لدول التعاون والأمة العربية برمتها.نحن إذن أمام مثال عملي أكد إمكانية الاتحاد في ما بيننا، ووفر المزيد من الأسباب التي تجعلنا نسرع الخطى نحو ترجمة الحلم الخليجي القديم إلى واقع فنتحول من تلك الصيغة التي امتدت إلى نحو أربعة عقود مثمرة إلى صيغة جديدة نتكامل فيها، ويكون لنا فيها مواقف نزداد معها احتراماً وتقديراً فينظر العالم إلينا نظرة لا يشوبها شائبة، خصوصاً مع محاولات بعض الدول الإقليمية فرض نفسها ومحاولة تسيد المنطقة يعينها على هذا التوجه ما قد تتوصل إليه من اتفاق مع دول الغرب بشأن الملف النووي.يضاف إلى كل هذا أن المساحة الزمنية التي احتاجها المعنيون بدراسة مشروع التحول إلى الاتحاد تكفي لإقدام قادة التعاون على اتخاذ قرارهم من دون إبطاء، ولعل القمة التشاورية المقبلة بين قادة التعاون تدفع في هذا الاتجاه وتعجل بعقد القمة الاستثنائية التي كان مقرراً لها أن تعقد في الرياض للإعلان عن مولد الاتحاد الخليجي الذي انتظره قادة وشعوب التعاون جميعاً.