شبكة «سي إن إن» الإخبارية عنونت خبراً معنياً بالخليج كالتالي «بطيخ إيراني مشبوه يثير هلعاً بدول الخليج».
والقصة تقول إن دول الخليج قامت في الأيام الأخيرة بمصادرة شحنات ضخمة من «البطيخ الإيراني» لوجود ثقوب في القشرة الخارجية، وانتشار معلومات على وسائل التواصل الاجتماعي تحذر من فرضية حقن شحنات البطيخ الموجهة لدول الخليج العربي بمواد كيميائية، وهي مسألة أعلنت بعض الدول عدم صحتها، كما بين المجلس الأعلى للصحة في قطر بأن البطيخ سليم فيزيائياً لكن تمت مصادرته في إجراء احترازي.
في حين قالت وزارة البيئة والماء بدولة الإمارات إن ثمار فاكهة البطيخ المستوردة بين فحصها أن فيها آثاراً قديمة لإصابة بحشرة ثمار «خنفساء القرعيات» وأن هذه الحشرات أكملت دورتها ولا يوجد للحشرة أي طور من أطوار الحياة بداخل الثمرة.
نظرياً المسألة بيئية وصحية، بحسب التقارير الأولية، لكن المشكلة أن العملية تداخلت مع السياسة وتداعياتها وموقف إيران من دول الخليج العربي، وهو الأمر الذي دفع بكثيرين لعدم استبعاد فرضية أن ما يحصل «فعل فاعل». هذه الحادثة تذكرني بالفيلم الوثائقي الشهير «سيكو» للمخرج الأمريكي مايكل مور، والذين كشف من ضمن الأمور العديدة التي كشفها بشأن عملية التأمين الصحي في داخل الولايات المتحدة بأن بعض الأمراض تنتشر بفعل فاعل، وعبر حسبة مدروسة هدفها تسويق وبيع منتجات طبية وأدوية مخصصة لعلاج هذه الأمراض أو الفيروسات.
هل ما حصل للبطيخ الإيراني متعمد؟! وهل اكتشاف الشحنات في دول الخليج العربي مصادفة أم مسألة متعمدة؟!
إيران قدمت نفسها على امتداد عقود على أنها جارة سوء لدول الخليج العربي، كل ملامح الفوضى، وكل صور إقلاق الأمن الداخلي في هذه الدول كانت خيوطها تشير إلى إيران، والموال مستمر، فاليمن وحالته اليوم هي نتيجة مخططات إيرانية تأتي عقب مخططات استهدفت العراق ولبنان وسوريا والبحرين والسعودية، فلماذا على أهل الخليج العربي افتراض حسن النوايا في مسائل أخرى.
سيقول من يتعاطف مع نظام طهران: جاءت على البطيخ يعني؟! ونجيب بأن «نعم» وماذا يمنع أصلاً أن تكون هذه المسألة مقصودة ومرتباً لها؟! وما الذي يمنع إيران أصلاً أن تضر بأهل الخليج باستغلال خطوط التجارة المفتوحة معهم؟!
الفرضيات ستزيد وتتشعب، فأهل الخليج العربي ممن ولاؤهم لعروبتهم وبلادهم، وممن يقفون من إيران موقف الضد فيما تفعله وتستهدف به المنطقة، هل يمكنكم توسلهم ليحسنوا النوايا مع نظام في كل وسائل إعلامه وفي كل حراكه يشتم دول الخليج ويناصبها العداء، ويعمل جاهداً لصناعة طوابير خامسة وتجنيد عملاء في الداخل.
لن أفترض حسن النوايا مع من يستهدف بلادي ويعادي أشقائي في بلاد الخليج العربي، بل لو كانت من مطالبات لأنظمة دول الخليج فستتمثل في أنه حان الوقت لبدء مقاطعة تدريجية لإيران وصناعاتها، لا تستوردوا منهم ولا تصدروا لهم، من يناصبك العداء سياسياً، ليس من الحصافة أن تعتبره حليفاً وشريكاً في الاقتصاد.
رغم أن المسألة فيها نقاش وجدل وفحوصات وتقارير، لكن كما أسلفت، ما الذي يجبرني على التعامل مع من يعلن نفسه وبكل صراحة أنه «عدوي اللدود»؟!