المشروع الأهلي الذي أعلن عن البدء في تنفيذه الشاعر علي عبد الله خليفة لدراسة «أسباب انتشار مرض السرطان في البحرين ودول الجوار خلال السنوات الأخيرة بصورة ملفتة ومقلقة» مشروع مهم ينبغي دعمه بقوة من قبل الجميع من دون استثناء لأنه يسعى إلى مسك الأفعى من رأسها، فهذا «المرض الخبيث الذي بات يفتك بالمواطنين حاصداً أرواحهم دون رحمة تاركاً القلة ممن شفي منه نهب الآثار الجانبية على الجسم والنفس والوجدان جراء العلاج الكيماوي» كما جاء في الإعلان، يتطلب من الجميع مواجهته، ومواجهته لا تكون بانتظار إصابة المواطنين به كي يتم علاجهم، ولكن بالبحث في أسباب انتشار هذا المرض، وهذا هو ما يميز هذا المشروع الذي اختار له صاحبه أن يكون أهلياً حيث المشكلة تهم الجميع، والجميع يعاني منها.
حسب الخبر الذي نشر أخيراً فإن خليفة قطع خلال السنة الماضية شوطاً في التواصل مع مراكز البحث العلمية والطبية في الصين والهند وتايلند وسنغافورة وماليزيا للتحضير لهذا المشروع وأنه عازم على التعاون مع وزارات الصحة في البحرين ودول مجلس التعاون «إسهاماً في الوصول إلى جذور المشكلة والتعرف على الأسباب الحقيقية المؤدية إلى انتشار هذا المرض وطرق الوقاية منه، تحسباً لانتشاره كوباء خارج السيطرة» .
مشروع أكثر من مهم، ستمتد إليه أياد كثيرة، كما قال مؤسسه، خصوصاً وأنه المبادرة الأهلية الأولى التي تتصدى علمياً وعملياً لظاهرة صحية في المنطقة، كما أن مبادرة الشاعر خليفة بتبرعه بريع بيع كل نسخ الطبعة الأولى من ديوانه الجديد «قال المعنى» الذي دشن أخيراً والطبعات التالية للصرف على تأسيس المشروع وتمويل مراحل البدء فيه سيكون لها مردود طيب، فهي مثال عملي ورسالة مفادها أن علينا أن نقدم كل ما نستطيع ليتمكن المختصون من الوصول إلى ما يكشف ولو جانباً من أسرار هذا المرض كي تتمكن البشرية من التعامل معه بندية لا بسلبية كما هو حاصل الآن.
فكرة المشروع تنطلق من قناعة مفادها أن الأفضل من العلاج هو البحث في الأسباب التي إن عرفناها بطل العجب، ذلك أن معرفة الأسباب يمكن أن توفر سبل الوقاية من الإصابة وربما تسهيل العلاج.
نحن إذن أمام مشروع إنساني كبير لا يخص المواطن البحريني وحده ولا المواطن الخليجي فقط ولكنه يسعى إلى خير البشرية جمعاء، دون أن يعني هذا أن العالم لم يسع إلى معرفة أسباب هذا المرض وسر انتشاره بهذا الشكل المثير فهناك الكثير من الأبحاث التي أجريت وتجرى من قبل العلماء في العديد من دول العالم ترمي إلى نفس هذه الغاية، ولكن لعل هذا المشروع الذي يشبه تأسيس «حزب» ضد مرض السرطان يوفر الفرصة للعقول الخليجية لتسهم بدورها في سبر أغوار هذا المرض ويكون قيمة مضافة، دون أن يعني هذا أن الأبحاث ستقتصر على المختصين الخليجيين فهذا أمر غير ممكن منطقاً.
الخطوة الأولى لتأسيس هذا «الحزب» ناجحة، ومن يعرف الشاعر علي عبد الله خليفة يقرر على الفور أنه سيبذل كل جهده وسيوظف كل علاقاته ومكانته وشعبيته وخبرته الإدارية ومهاراته كي ينجح هذا المشروع الذي يبدو مختلفاً كونه مشروعاً أهلياً وليس حكومياً، وأنه سيعمل من دون استكانة وأنه لن يمر وقت طويل حتى يضم هذا «الحزب» آلاف الأعضاء من البحرين وباقي دول مجلس التعاون وأن كل العوائق المفترضة أمامه ستزول ولن يتأخر الإعلان عن البدء في أول الأبحاث.
لعل الخطوة التالية تكون في الترويج لهذا المشروع محلياً وخليجياً عبر ندوات يتحدث فيها مؤسسه وآخرون معه من اللجنة الأهلية ومن المختصين فهذا من شأنه أيضاً أن يؤسس ثقافة مهمة نحتاجها في دول مجلس التعاون كثيراً.