هاتفتني مواطنة بحرينية قبل أيام عن محنة بحرينية بامتياز. محنتها كما بقية محن الكثير من الأسر البحرينية. قالت لي تلكم المواطنة: «ما هو الحل؟ منذ أكثر من عامين وأنا أبحث عن مدرب سواقة لابنتي التي تدرس في جامعة البحرين، ولكني لم أجد من يستطيع أن يقوم بهذه المهمة من المدربين. ليس هذا وحسب بل وصل الأمر بي أن أقوم بملاحقة أي مدرب يسير لوحده في الشارع لأوقفه وأطلب منه أن يقوم بتدريب ابنتي».
أخرى تقول «لم يعد هناك مدرب أو مدربة سواقة في البحرين لم أتصل بهم من أجل تدريب ابنتي، وكلهم كان يتعذر أو يرفض تدريب ابنتي أو «يتملص» من التدريب، فما هو الحل في نظرك كإعلامي؟ وأين نتجه ولمن من أجل حل هذه المشكلة التي باتت تؤرق كافة الأسر البحرينية؟».
سألني أحد الإعلاميين العرب: ما هي مشكلتكم في البحرين فيما يتعلق بشح توافر مدربي السواقة؟ فقلت له: وهل وصل لمسامعك هذا الأمر؟ قال: هذا الحدث أصبح حديث الساعة لدى الإعلاميين، خصوصاً وأنه تم طرحه عبر إحدى الصحف الإلكترونية العربية مؤخراً بشكل مفصل.
يعلم القائمون على شؤون مدرسة السواقة في البحرين علم اليقين مدى حقيقة هذه المعلومات، وهم يعلمون أننا كصحافيين لم تكن هذه المرة الأولى التي نكتب فيها عن محنة الباحثين عن مدربي سواقة، كما يدرك القائمون على هذا الأمر أن المسألة تجاوزت حدود المعقول ومع ذلك فهم صم بكم عمي تجاه مشكلة يمكن أن تحل منذ أمد بعيد، لكن دائماً وأبداً ما ينتظر المسؤولون في البحرين أن تكبر المشكلة الصغيرة لتتحول إلى ظاهرة أو إلى «حديث الساعة» على مستوى الوطن العربي لعلهم يصرحون للصحف فقط!
هذه الثقافة التي باتت مسكونة في أذهان المسؤولين اليوم يجب أن تتبدل ويجب أن تتبدل معها أساليب معالجة القضايا الوطنية بشكل عملي وسريع، وذلك لمحاصرة المشكلة قبل تفاقمها وما أزمة مدربي السواقة في البحرين إلا مثال صارخ على غياب أصحاب القرار الرسمي والجهات المعنية بهذا الأمر عن معالجة المشكلة التي تحولت مع الأيام إلى»أزمة».
التحقيق الذي نشر عبر أحد مواقع الصحف العربية الإلكترونية بخصوص أزمة مدربي السياقة، والذي كان يحمل عنوان «مافيا رخصة السواقة في البحرين» كان من المفترض أن يحرك الجهات المختصة لاحتواء الموضوع ومعالجته على وجه السرعة، لكن يبدو أن «الجماعة» حتى هذه اللحظة لا يجيدون التعامل مع الإعلام الخارجي ولا حتى الداخلي.
أنا شخصياً كتبت من قبل ثلاثة مقالات عن موضوع أزمة السياقة في البحرين الأول كان بعنوان «أزمة مدربي السياقة وأفق الشركات المتخصصة» والثاني «مدربو السياقة حديث الساعة» والثالث كان تحت عنوان «أزمة مدربي السياقة من المحرق إلى الزلاق»، ولك أن تتخيل أيها القارئ الكريم أنه لم يصلني حتى هذه اللحظة أي رد من الجهة المعنية ولو من باب الدفاع عن نفسها ورد كافة الشبهات حول هذا الملف، وهذه أحد أهم أسباب ضعف العلاقات العامة في أغلب مؤسساتنا الرسمية.
عوداً على بدء تظل الأرقام التي طرحها التحقيق الصحافي والقصص المروية لعذابات الباحثين عن مدربي سواقة، إضافة للتجاوزات التي تحدث من طرف المدربين داخل أروقة مدرسة السواقة، «فضيحة» من العيار الثقيل، فهل سيسارع المسؤولون لحل هذه المشكلة واحتوائها؟ أم سينتظرون «كعادتهم» أن تكتب المجلات والصحف الأجنبية عن مشكلة محلية بسيطة لتتحول إلى قضية دولية؟
نحن اليوم نطالب معالي وزير الداخلية الموقر بالتدخل لمعالجة هذا الملف الذي عجز عن حله غالبية المسؤولين منذ أكثر من عقد من الزمان، ليكون تحت ناظريه وفوق طاولته بصورة مباشرة، فنحن كلنا ثقة بسعادة الوزير في معالجة هذا الملف بصورة نهائية.
«للحديث بقية»