حسب الخبر الذي نشر مرفقاً به صور تبين الحالة، فإنها المرة الأولى منذ اندلاع الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979 التي يتم فيها رفع علم الولايات المتحدة في طهران، فالأسبوع الماضي وضمن فعاليات مهرجان «فجر السينمائي» الـ33 الذي أقيم في العاصمة طهران تم رفع العلم الأمريكي إلى جانب أعلام الدول المشاركة في المهرجان فيما يبدو أنه إيذان بالمرحلة الجديدة التي تبشر بها إيران شعبها وتوعز إليه بالتوقف تماماً عن حرق هذا العلم الذي اعتاد حرقه إلى جوار العلم الإسرائيلي بمناسبة وغير مناسبة، وإيعاز له أيضا بالتعامل بلطف مع «الشيطان الأكبر» الذي يبدو أن إيران اكتشفت أخيراً أنه طيب ولطيف ويمكن أن يأتي منه الخير، وليس شيطاناً أكبر ولا حتى أصغر.
مواقع إلكترونية عديدة نشرت صور العلم الأمريكي وهو يرفرف في سماء إيران وصورا له أثناء قيام إيرانيين بتركيبه أو فكه بعد انتهاء فعاليات المهرجان السينمائي وهم يبتسمون.
أما تفسير ذلك فهو أن إيران وبسبب إقدامها على توقيع الاتفاق النهائي مع الغرب والولايات المتحدة بشأن الملف النووي تسعى إلى كسر الحاجز النفسي الذي ظل طويلاً يحول بين الإيرانيين وبين تقبلهم للولايات المتحدة.
في الخبر نفسه جاء أن مساعد وزير النفط الإيراني أعلن عن زيارة وفد أمريكي لإيران لبحث فرص الاستثمار في قطاع الطاقة، وبحسبه فإنه «في حالة رفع العقوبات عن قطاع النفط الإيراني ستشهد إيران مشاركة شركات نفط وغاز أمريكية عالمية كبرى في المستقبل». ورغم أن فضائية «برس تي في» الإيرانية قالت إن وزارة الخارجية لم تؤكد هذه الزيارة؛ إلا أن الواضح أن الباب سيفتح على مصراعيه للشيطان الأكبر ولكل شياطين العالم كي يقيموا في طهران وفي مختلف المدن والقرى الإيرانية.
سؤالان؛ هل سيتم التوقف عن حرق العلم الأمريكي في إيران؟ وهل سيتبع ذلك التوقف عن حرق العلم الإسرائيلي «كرمال عيون الأمريكان» على اعتبار أن أمريكا وإسرائيل واحد؟ وسؤالان آخران؛ هل سيعتبر الشعب الإيراني الموضوع أمراً غير قابل للمناقشة فلا يسمح له بالخروج في مظاهرة للتنديد بمسألة الترحيب بالشيطان الأكبر؟ وهل هذه الخطوة تدخل ضمن اتفاق غير معلن بين إيران والولايات المتحدة؟ يتبع هذه الأسئلة أسئلة أخرى كثيرة عن موقف إيران من القضية الفلسطينية ومن سوريا والعراق واليمن وغيرها.
إذا كان خبر رفع العلم الأمريكي في طهران دقيقاً، فهذا يعني أموراً ينبغي من دول مجلس التعاون الخليجي أن تنتبه لها وألا تتعامل معه على أنه أمر عادي. وإذا كان رفع العلم إيذاناً ببدء المرحلة الجديدة، فهذا يعني أنه على دول التعاون أن تقلق كثيراً؛ لأن الولايات المتحدة لا يهمها غير مصالحها ولا يربطها أي اتفاقيات ولا اعتبار لهذه الدولة أو تلك التي تحظى بالرعاية والأولوية.
لا يكفي أن تطمئن إيران دول المنطقة بأن الاتفاق النووي لن يتسبب لها بالأذى، ولا يكفي أن يقول أوباما لقادة التعاون في كامب ديفيد إنه لا داعي للقلق، فلا بد من ضمانات، ولا بد من التأكد من تفاصيل التفاصيل، فالطرفان الإيراني والأمريكي ليسا محل ثقة ولا يمكنهما أن يكونا كذلك، فكلاهما يبتغي من لحم الخليج العربي شبعا.
لا يضيرنا أن يرفع العلم الأمريكي في طهران وسائر المناطق الإيرانية، حيث بالإمكان أن نعد هذا مؤشراً على عودة العقل وتعبيراً عن الحكمة، ما يهمنا هو ألا يكون رفع العلم على حسابنا. كما لا يضيرنا أن تقوم الوفود الأمريكية بزيارة طهران وعقد الصفقات معها، ما يهمنا هو ألا نكون جزءاً من الصفقة من دون أن نعلم فنؤكل أحياء وعلى الملأ.